Tuesday, April 13, 2010

وما هي حقوق الأقباط في شرع الإسلام يا فضيلة الشيخ؟؟


بقلم إستير ابيحائل

estherabihail@gmail.com


ليس غريبا أن يصرح شيخ الازهر في حديث له مع ال بي بي سي عن تمسكه بالمادة الثانية من الدستور المصري .. فالمادة الثانية تنص على ان "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع‏".. ليس غريباً ان يطالب شيخ الأزهر -الذي يحتل أعلى مركز اكاديمي إسلامي في العالم- بتطبيق الشريعة الإسلامية .. فهذه هي ثقافته و بيئته و دراسته و اختصاصه .. هذه هي مهمته و دعوته

و لكن الغريب في حديثه هو انه وجه كلمته إلى من سماهم ب"الأقباط العقلاء" قائلاً ان "الأقباط لن ينالوا حقوقهم إلا من خلال هذه المادة" .. و لست ادري هل لنا في كلماته وعدٌ ام وعيداً؟؟

ثم أضاف فضيلته "ان الشريعة الإسلامية هي التي حفظت حقوق الأقباط و كنائسهم و مذاهبهم" .. و لست ادري ما اذا كان فضيلته قد اسقط سهواً ام عمداً الحديث عن الثمن الباهظ الذي دفعه الأقباط لحقن دمائهم و حفظ اعراضهم و ممتلكاتهم

فضيلته يحاول استجلاب تأيد العقلاء فيما لا يقبله عاقل! و يناجي الأقباط ليعضضوا الإسلاميات!! هذا أمر غريب.. هذا بالطبع اذا كنا نتفق مع فضيلته في مفهوم الإنسان العاقل .. فالإنسان العاقل - كما نفهمه نحن - هو الشخص الناضج عقليا و اجتماعيا و عاطفياً.. هو الإنسان القادر على أن يمسك بطرفي نقاش بدون انفعال أو عنف.. هو شخص قادر على إستيعاب الرأي و الرأي الآخر بدون ان يخسر ود و صداقة معارضيه ..العاقل هو من يحترم حرية وفردية ومعتقد خصمه .. العاقل هو الشخص القادر على حمل المعطيات ووضعها في مكانها الصحيح و استنتاج النتائج العلمية المعقولة .. دون التأثر بالموروثات و الممنوعات !! و بالطبع لا يمكن أن اينتهي الامر بعاقل عند قتل خصمه أو تخويفه أو اذلاله .. فهل يبحث الشيخ الموقر عن عقلاء بهذا المفهوم ؟؟ وهل لفضيلة الشيخ ان يماثل العقلاء و يشاطرهم الموضوعية دون انفعال و دون تهديد ووعيد؟

العقلاء لن يعقلوا لدستوراً ينص على ان للدولة دين؟؟ فالعاقل يعرف ان الدولة شخصية اعتبارية ليس لها كيان حسي .. العاقل يعرف ان الدولة لا يمكن لها أن تأكل او أن تشرب .. و يعرف ان الدولة لا تشعر بالألم و لا يمكن لها ان تقوم بأداء الشعائر الدينية .. فلا يمكن للدولة ان تدين بالديانة الإسلامية و لا بغيرها من الديانات!! هذا من ناحية ، اما من الناحية الآخرى فصبغ الدولة بدين معين انما يعطي لمعتنقي تلك الديانة افضلية بسبب الدين على غيرهم من المواطنين الذين لا يعتنقون هذا الدين... و صبغ الدولة بالدين الإسلامي بالذات يربطها بالأحكام الإسلامية القمعية ضد غير المسلمين ..و هو الشيئ الذي يرفضهالأقباط و العقلاء وترفضه مواثيق حقوق الإنسان في العصر الحديث. فلا يمكن لعاقل ان يقبل بقانون يسن التمييز العرقي و الديني والثقافي بين ابناء الوطن الواحد.١

و الأقباط العقلاء لن يرضو ا بشروط الذمة .. تلك الشروط العمرية المجحفة.. الأقباط العقلاء يعرفون ان الشريعة الإسلامية لم تحفظ لهم حقوقهم و لا كنائسهم إلا بعد أن دفعوا الجزية .. الاقباط يعرفون ان سماحة الإسلام لم تقف وراء بقاء كنائسهم و عدم تحولها إلى جوامع - كما هو الحال في تركيامثلاً- ولكن لأن المسلمين تقاضوا اجرهم من اذلال الأقباط و اخضاعهم لجريان حكم الإسلام عليهم - و مازالوا يفعلون

فما هي حقوق الأقباط في شرع الإسلام يا فضيلة الشيخ؟ ما هي الحقوق التي تلوح بها للأقباط العقلاء؟؟

اهي حقوق "أسلم تسلم" التي وعدها رسول الإسلام في وعيده لملك الروم؟؟

هل لنا في كلماتك وعدا بالمساواة امام القانون و رفع التميز الديني الذي نعانيه .. هل تعدنا بالمساواة في بناء الكنائس و تولي المناصب؟؟ هل هذا وعد لنا بالمساواة في اعتناق الدين الذي نختاره و ممارسة طقوسه في العلن و التبشير به؟؟ هل تعد بإقاف حملات الجهاد ضدنا؟؟ هل هذا وعد بتقديم مرتكبي جرائم الجهاد الإسلامي ضد الأقباط للعدالة؟ ام انك تتوعدنا بتشديد العقوبات علينا اذا عارضنا المادة الثانية من الدستور؟؟ أو انك تنصحنا بالعرفان بالجميل لأننا احياء ؟؟ لأنكم لم تفنونا وتفنوا حضارتنا كما هو حال مسيحيو شمال افريقيا مثلاً؟؟

يا فضيلة الشيخ المحترم .. نحن قد سبقنا القرن السابع بحوالي خمسة عشر حول .. اليوم نحن نعيش في القرية الكونية حيث يصعب عزل الأقباط و الإعتداء عليهم ... القرآن و تفاسير فقهاء المسلمين تملأ المواقع الإسلامية على شبكات الإنترنت.. يصعب اليوم ان يصرح رجل اكادمي مثل سيادتكم عن حقوق الأقباط في الشريعة الإسلامية دون التعرض لشروط اهل الذمة المذلة والقمعية على احسن تقدير

لقد دفع اجدادنا الجزية في القرن السابع.. لم يدفوعها لأنهم رأوا ان لهم فيها حق .. و لكنهم دفعوها لئلا تقتلوهم يا فضيلة الشيخ .. لقد رضوا بإذلال الجزية لئلا تفنى حضارتهم ولغتهم و عرقهم و دينهم .. الحق في الحياة على الصغار ليس حقاً .. ما تسميه فضيلتك "حقوق أهل الكتاب في الشريعة الإسلامية" ليس حقاً و لكنه اعتداء على الأقليات و على فرديتهم و عقيدتهم و ممتلكاتهم ..فاذلال البشر و احتقارهم كما في صغار الجزية لا يدرج مع حقوق الإنسان بل مع الإعتداء على حقوقه ... لم تشرع لنا الشريعة الإسلامية حقاً بل قننت و حللت الإعتداء علينا

متى يستقيظ فقهاء المسلمين ؟؟ متى يدركون ان أربعة عشر قرن قد مضت على تقنين اذلال الأقليات .. و ان الإنسان قد سبق إله الإسلام تطوراً في احترام الإنسان و فرديته ... متى يستيقظ فقهاء الإسلام من حالة إنكار الحقيقة و يعرفو أن عقلاءالأقباط لم يعودوا ذميين و لكنهم تحرروا من الذمة و لعانته .. متي يتوقف فقهاء الإسلام عن تهديد الأقباط ومحاولة تخويفهم؟؟ يا رب ارحم

No comments:

Post a Comment

ارجو الإلتزام بالموضوعية في التعليق على المواضيع المطروحة .. ارجو مراعاة عدم استخدام الالفاظ النابية .. كما ارجو ان تتجنب الردود الانفعالية .. اعتذر عن عدم نشر التعليقات الخارجة عن الالتزام بالموضوعية و احترام الأشخاص