Monday, January 24, 2011

إنترنت بلا فتنة: إمعان في الإعتداء على حقوق الأقباط (٢)٠



إستير أبيحائل

يطالبون المذبوح ان لا يتأوه.... ان يكتم أنفاسه...... أن لا يقول (((آآآآه))) .....واذا تجرأ وقال الآه يبقى فتنة وتهييج للأقباط على الأحباء الذابحيين والمفجرون لنا والذين مزقوا بناتنا ونساءنا وشبابنا تمزيقا...أطفال ستعيش باقى أيام أعمارهم سيواجهون الحياة بلا عيون بلا أزرع بلا أرجل من جراء شلة من الغجر المأجورين من السلفيين والوهابيين وأولهم ... عمرو خالد ... الذى يدس للجميع السم فى العسل .....لا نريدك ولا نريد نصائحك ولا نصائح من معك ومن انخدعوا سواءاً بإرادتهم أم مجبورين اتركونا لهمومنا نلملم أشلاء لحم شهداءنا المتطاير فى كل مصر من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب ، نحاول أن نجفف دماء ودموع شعبنا القبطى المجروع والممزق ولنا الله الذى يعولنا بمعرفته ...... ربنا موجود   ~ الكاتب والفنان القبطي شفيق بطرس  

وجهت حملة "إنترنت بلا فتنة" تهمة جريمة كنيسة القديسين للمجتمع  المصري بما فيهم من أقباط مظلومين ومن مسلمين مسالمين وذلك في محاولة لرسم صورة مزيفة لمنهجية الإعتداء الديني والطائفي على الأقباط والأقليات غير المسلمة في مصر، "وذلك للعمل على مخاطبة الرأي العام العالمي ووسائل الإعلام الأجنبية، التي تتهمنا بالتطرف والارهاب، ومن ثم ستتحسن صورتنا امام دول العالم اجمع." كما جاء على لسان صاحب الحملة 

لقد اخرج إعلان وزارة الداخلية المصرية عن مرتكب جريمة كنيسة القديسين بالإسكندرية والتصريح عن إستخدام الجناة للشبكة العنكبوتية، أخرج حملة "إنترنت بلا فتنة" من أرض الواقع. فبينما اخذت هذه الحملة في الإعتداء على حقوق الأقباط بمحاولة تثبيت مفاهيم الفتنة الإسلامية وإلقاء مسؤلية إشعالها عليهم منصافة مع الإسلامين.. وتعويم مافاهيم التعددية والمساواة وحرية الرأي وحرية العقيدة.. كشف بيان الداخلية المصرية ان العملية الإجرامية، برمتها، من بدء التخطيط لها، وإلى تنفيذها ومدحها كلها من صنع الإسلاميين، وان الأقباط لم يشتركوا فيها إلا كضحايا.٠   

سطر صاحب الحملة الدكتور عمرو خالد انه ينوي  "محاصرة التحريض على الفتنة بين طرفي الأمة".. ولكن ما لم يسطره لنا وللعالم الخارجي الذي يريد تحسين صورة الإسلام أمامه، هو ان "الفتنة" هي إحدى المؤسسات اللاهوتية الإسلامية .. لقد تعمد العلامة الإسلامي الدكتورعمرو عدم التعرض لفلسفة الفتنة الإسلامية والتي تفلسف الاعتداء على حق الفرد والمجتمع في معارضة الأحكام الإسلامية، بل لانها تجعل من المعترض مجرماً خارجاً عن القانون و تجعل للمعتدي حق في الإعتداء. .. تجاهل الدكتور العلامة الإسلامي عمرو خالد التعرض للمفهوم الإسلامي لعقوبة الفتنة [جريمة الإعتراض على الأحكام الإسلامية] والتي تقرر رفع الحماية عن مرتكب الفتنة وعن ما يملك وتخلع عن مرتكبها حقوقه الدستورية والمدنية .. فالفتنة تفلسف وتخلق حقاً للمعتدي في الإعتداء على الأقليات، بل تعطي المعتدي حق الإعتداء الأشد اذا ما رفض المعتدى عليه قبول الإعتداء الأقل٠

تجاهل الدكتورالمحترم، صاحب الحملة، ان الفتنة التي يطالبنا بإطفاءها هي نفس الجريمة أُتهمنا بها عندما طالبنا ببناء الكنائس إسوة بالمواطنين المسلمين في بناء الجوامع.. و بالطبع تفادى الدكتور صاحب الحملة الإشارة لان مصطلح  "فتنة" المسخدم في هذه الحملة هو نفس المصطلح الذي استخدمه الإسلاميون لتشريع و تبرير وتحليل جرائمهم ضد  الأقباط. الم يصل إلى علم صاحب الحملة إن الإسلاميين كانوا قد وجهوا تهمة الفتنة للأقباط قبل ان ينقضوا على ضحاياهم في كنيسة القديسين؟؟

د. سليم العوا وجه تهمة الفتنة للأقباط وهدد برفع الحماية عنهم

لقد اسهب الدكتور سليم العوا في شرح مفهوم الفتنة الإسلامي وذلك في احدى حلقات برنامج بلا حدود والذي بثته قناة الجزيرة في ١٥/ ٩ /٢٠١٠. لقد بسّط العالم الإسلامي الدكتور سليم العوا تفسير معنى الفتنة للمشاهد العادي وشرح بامثلة عملية دور الأقباط في إشعال الفتنة بحسب المفهوم الإسلامي، مما تسبب في إنطلاقة المظاهرات الإسلامية المعادية للأقباط في الإسكندرية، والتي مهدت ان لم تكن قد أدت إلى ارتكاب جريمة تفجيرالمصللين الأقباط بالإسكندرية٠
 لقد اغرقنا الدكتور والعالم الإسلامي، سليم العوا، علماً بالفتنة والتحريض عليها وعقوبتها؟  حوارالدكتور العوا عن الفتنة لم يكن الأول من نوعه. فلقد تداخل الدكتور سليم العوا من قبل في بنامج القاهرة اليوم معترضا على مناقشة حقوق الأقباط في مصر في خارج نطاق الشريعة  قائلاً " لغة الحوار[في البرنامج] .. لم تكن اللغة التي تعودنا عليها في هذا الوطن، هذا وطن يعيش فيه المسلمون والأقباط منذ ١٤٢٨ سنة ... لم يحدث ان قال احد عن الآخر انه اصبح ملطشة، ولم يحدث ان قال احد عن الآخر انه دين درجة تانية، ولا إنها بقيت ديانة دُنيا. هذه الفاظ لا تسعتمل في الحوار الإسلامي المسيحي المصريهذه الفاظ تليق بأحوال الفتن وبأحوال المحن، وبإثارة النعرات الطائفية، ... وجميع ضيوفك المحترمين لا يقصدون إثارة الفتنة طبعاً، ولا يحبوا ان يكونوا من محرضيها أو محركيها، وطبعاً لا يحبوا ان يكونوا وقوداً لها ... ليرضى اصدقاءنا الأقباط، هذه الدولة ستبقى دولة مسلمة  يرعى فيها حق المسيحي ..لانه شريك في الوطن، لكن لايرعى فيها حق المسيحي لأنه يتكلم كلاماً يثير الفتنة، أو يستفز المسلمين" ٠

 الدكتور العوا رفض اعتراض الأقباط على اوضاعهم رافضاً مبدأ استعمال الفاظ التمييز الديني في الحوار الإسلامي المسيحي ومشيراً إلى ان هذا الإعتراض القبطي  يعد من باب الفتنة والمحن وإثاة النعرات الطائفية ..  هذه اشكالية كبيرة، فكيف نطالب بحقوق المساواة عندما نمنع من استجلاب معاناتنا والظلم الواقع علينا إالى طاولة المحاورات؟؟ وهل من حق الدكتور سليم العوا والفكر الإسلامي المتطرف ان يمنعوا الأقباط من الإعتراض على معاملتهم كمستأجرين لأرض الإسلام؟؟ بأي حق يهدد الدكتور سليم العوا برفع الحماية عن الأقباط؟؟ اتكون الحماية منحة يهبها الإسلاميون للأقباط ويرجعون عنها اذا ما خالف الأقباط شروطهم؟؟

عقد الذمة أوعقد الحماية        
الدكتورسليم العوا يشير إلى عقد الحماية الإسلامي والذي يتمتع بموجبه الأقباط بالحماية في أرض الإسلام ليس كأصحاب أرض او شركاء فيها، ولكن كمستأجرين لأرض من ماليكيها.. ويشير الدكتور العوا إلى شرط الجزاء في هذا العقد وهو سقوط الحماية عن الأقباط اذا ما اثاروا الفتنة "هذه الدولة [مصر] ستبقى مسلمة يرعى فيها حق المسيحي" هذه إشارة إلى عقد إستسلام واذلال وليس عهد سلام مع مالكي الأرض... عقد من  عقود العصور البدائية التي كانت تنتقص لابسط مبادئ العدل والمساواة وعدم التمييز بين سكان الأرض بسبب الدين، أوالعرق، أو اللون، أوالإنتماء السياسي. عقد استسلام و ذل بمعايير العدل والمساواة الدولية المعاصرة

شروط العقد  ونصوص الجزاء فيه 
 لقد شرط الأقباط على أنفسهم في هذا العقد المجحف بشروط مذلة لهم ولأولادهم ومنقصة لأبسط حقوق المساواة . وافق الأقباط على ان يرضوا بعقد الإستسلام هذا في مقابل ان يكف الإسلاميون عن قتلهم وإحراق ممتلكاتهم وتدمير اديرتهم وكنائسهم. وقبلوا إن يسقط عنهم حقهم (الممنوح لهم من المعتدين) في الحماية اذا خالفوا ما شرطوا على انفسهم .. ينص العقد على ان يكون للإمام المسلم منهم ما كان لأهل العناد.. فإن هم رفضوا الإعتداء الأقل يقع عليهم الإعتداء الأشد، وترفع الحماية عنهم ويقاتلهم المسلمون "حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله" -- سورة الأنفال ٣٩
(انظر المغني والشرح الكبيرللإمامين إبن قدامة وإبن قدامة المقدسي المجلد العاشر والصفحات ٥٨٤- ٦٣١) 

لا يمكن ان يجمع مجتمع واحد بين مفاهيم التعددية والمساواة وإحترام الآخر وبين مفاهيم الفتنة الإسلامية
الفتنة مفهوم مضاد وضار لمفاهيم التعددية الثقافية والدينية والعرقية فالفتنة بمعنى الكفر والتحريض على الكفر والذي هو احد مفاهيم الفتنة الإسلامية، يعارض ويمنع الأقباط من المطالبة بحقوقهم في المساواة أمام القانون.. الأقباط لايؤمنون بالقرآن وهذا حقهم في حرية الإعتقاد وهم لن يخضعوا لأحكام تنقص من حقوقهم المدنية والسياسية وهذا حقهم..  فإذا طالب الأقباط بإعتلاء الوظائف العليا في الدولة إسوة بالمواطنين المسلمين، ستقع مطالبتهم هذه في بوتقة الإعتراض على حكم الله، وإذا شددوا الإعتراض على معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية، أواعترضوا على ان ينص الدستور على ان تكون مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، أوإذا اعترضوا على تسمية الإسلام بالديانة العليا لما تحمله هذه التسمية من تصغير للديانات الآخرى، سيتهمهم الإسلاميون بالفتنة والتحريض عليها ويهددونهم برفع الحماية عنهم كما فعل الدكتور العوا و اتباعه من الإسلاميين... الفتنة تثبت فكر الحزب الواحد والرأي الواحد والدين الواحد ولا يمكن للمجتمع الذي يؤمن بالتعددية وإحترام الآخر ان ينادي بمفاهيم الفتنة الإسلامية.. فهل يجمع الإنسان بين الحرية والإستعباد؟ وهل يجمع المجتمع الواحد بين مفاهيم العز والذل معاً؟؟            

فقبل ان ينادينا الشيخ عمرو خالد للإتفاق معه على محاصرة الفتنة كان عليه ان يستدرك ان مؤسسة الفتنة الإسلامية هي إحدى أهم المؤسسات الإسلامية التي يستخدمها الإسلاميون لتبرير الإعتداء علينا .. وكان عليه ان يدرك ان رفض الأقباط لهذه المؤسسة وإستدراكهم لما في هذا المفهوم من إعتداء على حقوقهم، هو الذي تسبب في تردي العلاقات بين الأقباط والإسلامين بعد ان اعتبرالإسلاميين ان مطالبة الأقباط بحقهم في المساواة "فتنة" و"تحريض على الفتنة" واوقعوا عليهم العقوبات .. فكيف يطالبنا بقبول ما رفضناه وتحررنا منه
وقبل ان يشترك موقع "الأقباط متحدون" في هذه الحملة،  كان عليهم ان يستدركوا ان اشتراكهم في هذه الحملة يعزز المفاهيم الإسلامية التي تقضي بأن للأغلبية المسلمة "حق" في الإعتداء على الأقليات غير المسلمة .. وكان عليهم ان يطالبوا الدكتور عمرو خالد بالعدول عن إستخام مصطلح "الفتنة" والتنكر لما فيه من مفاهيم ظالمة للأقباط وللأقليات الآخرى غيرالمسلمة    
يا رب إرحم

Monday, January 17, 2011

إنترنت بلا فتنة: إمعان في الإعتداء على حقوق الأقباط



بقلم إستير أبيحائل

في وسط ضجيج الجريمة البشعة التي وقعت أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية، تلك الجريمة التي إهتزت لها ضمائر البشر من جميع خلفياتهم العرقية والدينية والسياسية. وبين مستنكر، ومدافع، ومبرر ، ومؤيد للحدث ، طل علينا الدكتور عمرو خالد بحملة اسماها "انترنت بلا فتنة" .. حملة تظهر من لفافتها الخارجية وكأنها دعوة لسكنى المدينة الفاضلة .. إلا ان القارئ المدقق لما تدعو له هذه الحملة سيجدها عبوة ناسفة لمفاهيم المساواة وعدم التمييز بين المواطنين بسبب دينهم  ..  سيجد القارئ  إنها حملة تؤكد وتثبت مفاهيم ان قيمة المواطن وحقوقة تبنى على هويته الدينية.. في داخل هذه الحملة مفاهيم مدمِّرة للمساواة بين المواطنين بغض النظر عن دينهم  أو لونهم أو عرقهم.. و هي مبادئ الحرية التي دافع عنها كثير من الأقباط والمسلمين ودفعوا فيها ثمنا غاليا من أوقاتهم وأموالهم ودمائهم ليحرروا الشعب المصري منها  .. هذه الحملة لا تخلو من تخويف وتهديد الأقباط، والمطالبة بكبت مطالبهم كثمن للسلام .. لا أقول هذا لأنها دعوة من داعية إسلامي، كما اقترح البعض ، ولا شأن لكبر سني او صغرة بهذا الإعتراض ايضاً.. ولكني اقول انها حملة ضارة لانها  مشت بأرجلها فوق التصفية العرقية والدينية والإضطهاد المنهجي الذي عانى منه الأقباط ومازالوا يعانون بدون استدراك لتلك المعاناة.. بدون تقديم كلمة اعتذار واحدة ... هذه الحملة الضارة التي تزينت بكلمات رنانة كالتعددية وقبول الآخر المختلف تثّبت في جوهرها وتؤكد في كل من اهدافها ونياتها ووسائلها مفاهيم الإعتداء على حقوق الأقباط وتحميلهم مسؤلية الإعتداء عليهم

هناك الكثير بل والكثير جدا مما يمكن ان نقوله عن هذه الحملة الضارة - على احسن تقدير. لذا سأفرد عدة كتابات لهذا الموضوع حتى لا اجنح لتجاهل طرح أي من التساؤلات والحجج الهامة، وفي نفس الوقت لا اثقل على القارئ  بمواد وحجج تفوق الحجم المحدد لهذا المكتوب 
  
 يقول الدكتور عمرو خالد ان لحملته اهداف ثلاثة و نيات ثلاث ووسيلتين للوصول لأهداف الحملة . سأتناول كل منها تباعاً .. ولكن إسمح لي عزيزي القارئ ان ابدأ بمن وجهت لهم الحملة

 الأقباط مسؤلون عن الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب ضدهم
الحملة موجهة للمسلمين والمسيحيين مناصفة!!  يقول الدكتور عمرو في حديث اجرته معه لميس الحديدي وفي حضور الأُستاذة بسنت موسى  مدير تحرير الأقباط متحدون الموقع القبطي المشارك في الحملة  " وجود الاقباط متحدون في هذه الكوكبة [المواقع المسلمة]، بيديها شكل  فيه كلام للجميع،  يعني .. الحملة بيقوم بيها الطرفين ، وموجهة لتطرف الطرفين، وبالتالي لابد ان يكون الطرفين ممثلين ... في مواجهة المتطرفين في الجانبين ... لو كان كل المواقع مسلمة بس، كأننا بنقول ان المشكلة عند المسلمين بس "١  
 اذاً فالحملة  " فيها كلام للجميع" وهي "تواجه المتطرفين من الجانبين" و"المشكلة مش عند المسلمين بس"على حد قول شيخ عمرو
فهذه الحملة تحمِّل نصف مسؤلية الإعتداء الإسلامي المتطرف على الأقباط للأقباط انفسهم، بلا خجل!!٠
فحملة "انترنت بل فتنة" تحمل الأقباط نصف مسؤلية القتل البشع الذي حدث لهم في الكشح، ونجع حمادي، و دير ابو فانا والإسكندرية . تحملهم هذه الحمله ايضاً نصف مسؤلية خطف بناتهم والاعتدا الجنسي عليهن واسلمتهن جبراً. ومسؤلية حرق منازل الاقباط و الإعتداء على كنائسهم تقع على الأقباط مناصفةً مع الإسلاميين.  هذه الحملة تعتبر الأقباط مساهمون مناصفةً في عدم اعتلائهم للوظائف العليا !!٠

كيف لحملة تبعد بالمعتدي عن مسؤلية الإعتداء وتلقي بها على عاتق المعتدى عليه أن تأتي بنفع لقضية المعتدى عليه؟؟ هذه الحمله هي في حد ذاتها إعتداء صارخ على حقوق الأقباط بل وحقوق جميع الأقليات  المصرية غير المسلمة، فكيف نشارك نحن فيها ونروج لها؟؟
نحن نعلم والعالم كله يعلم معنا من هم المتطرفون الإسلاميون، فهم هؤلاء المجرمون اللذين يرتكبون جرائم قتل بشعة ثم يصيحون "الله اكبر" و يسمون ضحاياهم "الكفار" او يعتدون على النساء لأنهم "حلال" لهم. هم من يحرقون الكنائس لأنها "دار للكفر". ولكننا لا نعرف من هم المتطرفون الأقباط المشار اليهم في حملة الداعية الإسلامي؟؟ هل رأيت قبطياً يفجر نفسه مع الأبرياء ويصرخ "المجد لله في الأعالي"؟؟ هل رأيت قبطياً يحرض على انقاص حقوق المسلمين في مصر؟؟الهم الا اذا كان الشيخ المحترم يشير إلى صراخ نشطاء الأقباط من الألم والظلم والقتل الواقع علينا على انه تطرفاً. أو ربما اعتبر الشيخ عمرو المظاهرات التي فجرها الأقباط بعد حادث الإسكندرية البشع للدفاع عن حقهم في الأمن في داخل بلدهم تطرفاً. او ربما كما اقترح من قبله الدكتور سليم العوا "تطاول الأقباط في المطالبة بالحقوق" او ربما اعتبر صاحب الحملة ان رفع الأقباط لقضيتهم للمجتمع الدولي ومطالبتهم بحماية حقوقهم من الإعتداء عليها يعد تحريض على الفتنة. او ربما قد يسميه الشيخ عمرو "إستقواء بالخارج"، بعد ان أُدرج العداء على الأقباط تحت قائمة " الشؤون الداخلية لمصر". كيف يدان المجني عليه في جريمة هو ضحيتها.. أليس هذا امعاناً في الإعتداء على حقوق الأقباط؟؟

مافيش مشكلة
الحملة لا تشير من بعيد ولا من قريب لما يعانيه الأقباط من ظلم وإضطهاد ومن الإبادة الجماعية .. وتبتعد عن الخوض في تفاصيل القضية القبطية ، فقد صنعت أُذن من طين وآُخرى من عجين ، و تجاهلت معاناة الأقباط في تولي المناصب العليا وخطف البنات وهتك الأعراض وقتل الأبرياء ، وما يتكبلون من خسائر ناتجة عن حرق منازلهم واماكن عملهم ودور عبادتهم... وكأن شيئاً من هذا القبيل لم يكن أو يستحق الذكر.   يا رب إرحم 
أهداف الحملة الثلاثة  
الهدف الأول:  "محاصرة التحريض على الفتنة بين طرفي الأمة"٠
وعندي الكثير لأقوله عن "التحريض" وعن "الفتنة" ومفاهيم كل منهما الضارة لحقوق الأقليات الغير مسلمة والتي تعيش تحت الحكم الإسلامي، ولكن دعوني  ابدأ بطرح تساؤلاتي عن ما هو المقصود ب"طرفي الأمة"  لأنه المفهوم الأصلي الذي بنيت عليه ثقافة الإعتداء على حقوق الأقباط

طرفي الأمة
لأي أُمة يشير الدكتور عمرو؟؟ فهل يقصد الشعب المصري  بمسلميه ومسيحيه ؟واذا قصد الشعب المصري وقام بتقسيم مواطنيه - بلا خجل - بحسب انتمائاتهم الدينية ، فلماذا اقتصر انتماء المواطنين على طرفين فقط ؟؟  هل للمواطن في هذه الأمة حق التخلف عن الإنتماء لأي من هذين الطرفين الدينين؟؟ لماذ اغفل الدكتور عمرو إدراج من لا ينتمون للمسيحية ولا للإسلام من هذا التقسيم الديني للدولة؟ اليس بين المصريين  "لا دينيين" ؟ وهل من مكانة في الأمة للمرتدين عن الإسلام سواء اعتنقوا ديناً آخر او لم يعتنقوا أي من الأديان؟؟ ولم يحدثنا صاحب الحملة عن مكانة القرآنيين والبهائيين و العلمانيين في الأمة؟؟  
أم إن الدكتور عمرو يشير في حملته لأُمة الإسلام بطرفيها المسلم والذمي ، والتي لا تمنح الذمة لمن لا كتاب له و تقتل المرتد والخارج عن الإمام وعن شرع الإسلام ؟؟
اهذه حملة للدفاع عن حقوق الأقليات، ام انها حملة للإمعان في الإعتداء على حقوق الأقليات؟؟
السؤال الآخر الذي يطرح نفسه في مسألة "طرفي الأمة" هو: كيف توزع الحقوق بين طرفي الأُمة؟ فهل تتساوى حقوق المواطنين اللذين تم تقسيمهم بحسب عقائدهم الدينية؟ فهل للذمي نفس حقوق المسلم في بناء دور العبادة و الولاية، اسوة بالمواطن المسلم في الأمة؟؟ أم ان الداعية الإسلامي ما يزال متمسكاً بأحكام الإسلام في "عدم جواز قتل المسلم بدم الكافر" و "عدم جواز ولاية غير المسلم على المسلم" و "عدم جواز بناء الكنائس في الأرض الإسلامية" و"عدم جواز ترميم ما خرب من الكنائس التي بنيت قبل ان تؤل الأرض للمسلمين"؟؟ وبأي من الأديان ستحكم هذه الأمة التي قسمت مواطنيها واستثنت بعضهم بما ينتمون له من الأديان؟؟نحتاج لتوضيح لكل هذه المسائل المصيرية والتي انتهكت حقوقنا وحقوق غيرنا من الأقليات غيرالمسلمة أو الخارجة عن الإسلام٠

الفتنة 
من الغريب ان الدكتور المحترم صاحب دعوة "انترنت بلا فتنة" قد أغفل -بقصد او بغير قصد، لست ادري-  تعريف "الفتنة" المقصودة في حملته .. رغم انها نفس الكلمة التي استخدمت لإثارة هذه الجرائم البشعة ضد الأقباط. فهل هذا اقرار بأن الأقباط قد ايقظوا هذه الفتنة وعليهم تقع مسؤلية تهدئتها؟؟ وهل لنا ان نستنبط معنى الفتنة المقصودة في الإشارة للآية القرآنية "الفتنة اشد من القتل".  فما هو المقصود بالفتنة اشد من القتل؟ فهل "الفتنة" هي "الكفر" و"الصد عن الإسلام" كما اتفق على تعريفها علماء الإسلام؟؟
قال الطبرسي في تفسيره مجمع البيان في تفسير القرآن في معرض تفسيره لسورة البقرة والآية ١٩١ " الكفر فتنة لأن الكفر يؤدي إلى الهلاك وقيل لأن الكفر فساد". وقد قال مفسر القرآن المرموق ابن كثيرفي نفسير القرآن الكريم "ماهم مشتملون عليه من الكفر بالله، والشرك به، والصد عن سبيله، ابلغ وأشد وأطم من من القتل"٠
الفتنة التي يواجهها الشعب المصري ليست فتنة اخلاقيات -كما تحاول هذه الحملة بتصويرها- ولكنها "فتنة" مفاهيم .. لا يمكن ان نصلح الأخلاقيات ونحن متمسكون بالمفاهيم التي تسببت في انتاج هذه الأخلاقيات .. فكيف نجني محبة ونحن نزرع الكره وكيف نجني وحدة ونحن نثبت مفاهيم الفرقة؟؟ 
نحتاج لتوضيح هذه المفاهيم. فمن غير المعقول ان يستخدم داعية إسلامي موقر نفس التعبير الذي يستخدمه الإسلاميون كحجة لقتل الأقباط بدون ان يجاهربإستنكاره لهذا المفهوم الذي تسبب في قتل الأبرياء أو ادانته. التعددية وإحترام الآخر تبدأ بدحر مفاهيم تحقير الآخر وإدانة إستخدام الالفاظ المسيئة ك"الكفار" و "الضالون" .. وليس بمطالبة الآخر بالكف عن الإعتراض على دعوته  كافراً أو نجساً  
الأقباط يبحثون عن السلام ولكنهم لن يرضوا بغيرالسلام المبني على العدل والمساواة امام القانون. الأقباط ينقبون عن مفاهيم قبول الآخر ولكن ليس على حساب إغفال الإنتهاكات المنهجية المقننة ضدهم٠ الأقباط سيواصلون في تقديم المحبة لمن يطهدونهم ولكنهم لن يسمحوا لمضطهديهم أن ييستعملوا هذه المحبة كسلاح للإمعان في الإعتداء عليهم٠ 

اتوقف هنا حتى لا اطيل على القارئ واعود مرَّة آخرى لأفحص مفاهيم "التحريض على الفتنة" وما تبقى من المفاهيم المضمنة في أهداف حملة انترنت بلا فتنة

Thursday, January 13, 2011

ردود الفعل الإسلامية لحادث كنيسة القديسين بالإسكندرية


إستير أبيحائل


استقبل العالم الساعات الاولى من العام الجديد بمشاهد الجريمة البشعة الخالية من الإنسانية والتي حدثت امام كنيسة القدسين بالإسكندرية. ملء الخبر الصحافة العالمية بعد ان تطايرت اشلاء اجساد المصلين لارتفاعات عالية ومن ثم تساقطت في هيئة اكوام من الدماء واللحوم الآدمية.. جريمة بشعة ارتكبها احد المسلمين بغرض ارهاب المسيحيين.. وقف الجميع امام بشاعة هذه الجريمة التي لم تتسبب فقط في قتل ابرياء ولكنها تسببت في اذى شديد لكل من تواجد في مكان الحدث ومن راح يبحث عن احباءة واقرباءه وجيرانه وسط اشلاء بشرية ونظرلايديه ليجدها وقد علقت بها بقايا من اجساد ودماء اقاربه او اصدقاءه .. جريمة ضد الإنسانية ترتكب امام اعين العالم اجمع  
ولان الجريمة وقعت في داخل نطاق نداء إسلامي منهجي يدعو علنياً  إلى كره الأقباط وقتلهم، اتجهت انظار العالم كله نحو ردود الفعل الإسلامية التي وجدت من الضوري لنا قراءتها
    
اول ردود الفعل الاسلامية واكثرها حزناً جاء من إمام الجامع المجاور لكنيسة القديسين والذي راح مناديا "الله اكبر" في نفس الوقت الذي كان اخوته في الوطن والإنسانية على بعد امتار قليلة ينبشون جثث اصدقائهم في محاولة للعثور على افراد مفقودين وسط اشلاء اجساد ودماء اقاربهم وجيرانهم واصدقائهم  .. مناداة الله اكبر ليست اجنبية عن الجرائم المماثلة التي يرتكبها الإسلاميون في اماكن متفرقة من العالم ضد الكفار.. لقد نادى بها منفذي عملية ١١ سبتمبر وتكررت نفس المناداة في صرخات منفذ عملية بالي وقالها قاتل ثيو فانجوخ بعد ان غرس السكين في صدره بلا رحمة، وصرخ بها النيجيريون بعد انقاموا بالتنكيل بجثث النساء والاطفال في جريمة من نفس النوع .. فمناداة الله اكبر تكاد تكون جزء لا يتجزء من هذه الجرائم البشعة الخالية من الرحمة الإنسانية   

   ولكن الصورة ليس كلها قاتمة فهناك بصيص من النور ينير الطريق للحرية والعدل والمساواة  .. هناك بعض المسلمين اللذين استنكروا هذا الفعل الاجرامي و قدموا انفسهم كدروع بشرية لحماية المصليين المسيحيين.. فقد حضر عدداً من الممثلين المصريين صلاة العيد في الكنائس وشوهدت الدموع على اوجه بعضهم .. ( الممثلين ذهبوا ليعلبوا دورا وطنياً انسانيا ووسطهم اختبأ اشخاص من غير الممثلين واللذين ذهبوا ليلعبوا ادواراً تمثيلية لا علاقة لها بالوطنية او بالإنسانية) ايضاً قام بعض الصحفيين بتقديم برامج جريئة تنادي بالمساواة ... واعتقد ان الكثير منا يعرف اصدقاء مسلمين  فعلوا نفس الشيئ .. قصت لي ابنة عمي عن صديق العائلة المسلم الذي ذهب إلى منزل والدتها  وقال لها "البسي يا خالتي انا همر اخدك نروح الكنيسة نصلي ليلة العيد مع بعضينا".. ردت الوالدة  في انذهال: "يا ابني انا مش عاملة حسابي اروح الكنيسة وانت..." فقال لها: "النهاردة هتروحي يا خالتي، هتروحي معاي، يا هنعيش سوا، يا هنموت سوا"٠ 
ارفع قبعتي لهؤلاء المسلمين اللذين لم يكترثوا بتهديدات الإسلاميين وفضلوا الموت على ان يقفوا مكتوفي الأيدي وهم يروا اخوة لهم في الوطن وهم يقتلون بسبب انتمائهم الديني 

ولا يفوتني ان اذكران بعض المسلمين الاحرار قد كتبوا عن الابادة العرقية والدينية للاقباط وطالبوا بمساواة الأقباط مع المسلمين في اعتلاء الوظائف وبناء دور العبادة. وقد ذهب بعض من احرار المسلمين إلى حد المناداة بمحاكمة الدكتور سليم العوا والذي حملوه مسؤلية التحريض على ارتكاب هذه الجريمة الغير انسانية.. هؤلاء المسلمين رغم قلة عددهم إلا انهم يملكون في ايديهم تقديم نصف الحل السلمي لقضية اضطهاد الاقباط ، وتصفيتهم العرقية المنهجية... النصف الآخر يملكه الأقباط

 هناك فرقة من المسلمين ذهبوا للدفاع عن الإسلام ليبعدوا بالإسلام عن هذه الجريمة البشعة ...وقاموا بتوجيه خدمات الوعظ للمسيحيين في مواضيع إسلام السلام والمحبة.. واستماتوا في انكار ان يكون للإسلام اي دور في التحريض على مثل هذه الجريمة البشعة. ولهؤلاء اقول؛ لماذا توجهون وعظكم هذا للمسيحيين والغربيين؟؟  هل اساء مسيحي فهم ايات القرآن وقام بتفجر نفسة ليقتل الكفار؟؟ هل اساء مسيحي فهم تفسير الفقهاء ودعى لقتل النصارى؟؟؟ لماذا لا توجهون خدمات تصحيح المفاهيم الإسلامية لمن تظنون انهم اساءوا فهمها، بدلاً من توجيهها لضحايا الإسلام -الذي تسمونه انتم- "المتشدد"؟؟ نحن لم ندعو لإسلام الحرب والقتل وكره الآخر ولكننا نعاني منه  .... نحن لا نقرأ القرآن ولم نفسر آياته ولكننا ندفع الثمن لمن يقرأون الآيات وتفسيرها   

من المسلمين من قال ان المسيحيين لهم عهد حماية في الدولة الإسلامية  ... متجاهلين حقيقة ان عقد الحماية هذا ما هو إلا عقد استسلام واذلال .. فهناك اسئلة كثيرة علينا بطرحها لهؤلاء... ما هي شروط عقد الحماية؟؟ وما هو جزاء الإخلال بالعقد؟؟؟ و ممن ستحموننا؟ من المعتدي الغريب ؟ ام من اعتدائكم انتم علينا؟؟؟    
ولكن اسوأ ردود الفعل اطلاقاً واكثرها ضررا للقضية القبطية في رأي  جاء في حملة الدكتورعمرو خالد والتي اعجب لما لاقته من تأييد من موقع الأقباط الأحرار.. سأتناول هذه الحملة الضارة تفصيلاً في مقال منفصل