Tuesday, October 19, 2010

الوحدة قناعة وسلوك، وليست إتفاقيات وصكوك



بقلم إستير أبيحائل

انها سخرية القدرأن تنفجر المظاهرات، في نفس الأسبوع، في دولتين، تبعد الواحدة عن الآخرى مئات الآلاف من الأميال. خرج شعبان إلى شوارع مدنهم في نفس الأسبوع،  خرج الواحد منهم لينادي بالحياة، وخرج الآخر لينادي بالموت. في جنوب أمريكا خرج الشعب التشيلي يهتف بهتافات الفرح والحب والوحدة، و في الشمال الشرقي الأفريقي خرج جزء من الشعب المصري ليهتف بهتافات البؤس والكره والموت٠

لقد ترقب العالم أجمع عملية إنقاذ عمال المناجم المحتجزين في أعماق الأرض السفلى في تشيلي .. ورغم أن عملية الإنقاذ الغيرعادية، من الناحية التقنية، قد لعبت دوراً كبيراً في جذب إهتمام العالم، إلا أن سلوك الشعب التشيلي الذي توحد بكل خلفياته العلمية، والاجتماعية، والإقتصادية، والدينية، والعرقية لإنقاذ عدد قليل من العمال البسطاء، قد إستأثر على الحييز الأكبر من اهتمام العالم. بينما لم تنجح الفتنة الطائقية في مصر من الوصول الي العالم وجذب اهتمامه٠
 
لقد تسبب انهيارجزئي في أعماق الأرض، في اغلاق مخرج أحد المناجم في تشيلي مما تسبب في احتجاز ٣٣ عاملاً من عمال المناجم اللذين لم يجدوا بديلاً عن البقاء معاً في كهف صغير، بحجم غرفة الصالون، يبعد حوالي الكيلومتر عن سطح الأرض... عرف هؤلاء العمال قدر الخطر الذي يواجههم.. فهم يعرفون ان محاولة الوصول اليهم ستستغرق عدة اسابيع او ربما شهور وانها عملية لا تخلو من الخطورات .. ولكن اليأس لم يجد له مكاناً بينهم في هذا المكان الخانق المظلم.. ربما لأنهم يعرفون ان فوقهم على سطح الأرض، يمشي اناساً يقيّمون حياتهم وحياة أُسرهم، ويعرفون ان شعبهم لن ينام ولن يدع العالم ينام إلا بعد ان يخرجهم أحياء من تلك الأعماق البعيدة.. وبالفعل تحرك الشعب التشيلي إنطلاقاً من قناعاته وإيمانه بأن قيمة الإنسان تكمن في نفسه وفي فرديته وليست في انتمائاته الدينية أو الثقافية أوالإقتصادية أوالعرقية٠
 جند الشعب التشيلي -بكل قطاعاته- جهوده وأمواله وكفائاته، ولم يستحوا من "الإستقواء" بالدول الأكثر تقدماً في هندسة المناجم التي أمدتهم بالمعدات والخبرات.. واخيرا وبعد حوالي السبعين يوما تم انقاذ العامل الأول، الذي خرج إالى سطح الأرض ليجد الشعب التشيلي في شوارع المدينة، وهم يراقبون عملية الإنقاذ من خلال شاشات عملاقة وضعتها الحكومة في أماكن متفرقة من المدينة ..وجدهم يصرخون معاً بفرح و يهنئون بعضهم البعض .. وجدهم يرقصون حول علمهم احتفالاً بحياته! ..  و بعد أقل من ٢٤ ساعة من إنقاذ العامل الأول خرج العامل الاخير ليجد الرئيس التشيلي البليونيرسيباستيان بينيرال في إستقباله ليحيه ويبعث فيه أملاً جديداً إذ همس في أُذنه "أنت لن تكن على ماكنت عليه من قبل أبداً .. وكذلك تشيلي لن تكون على ما كانت عليه من قبل مرة اخري" .. .. فتشيلي اخذت قوة جديدة من حب شعبها بعضهم لبعض .. من اتحادهم حول علمهم٠
 وما ان أعلن رجال الإنقاذ انهم أخرجوا جميع الرجال احياء إلا وانطلقت الأفراح في جميع شوارع المدن التشيلية .. فقد اطلقوا بالونات بألوان العلم التشيلي .. لبسوا العلم على اعناقهم ورفعوه فوق رؤوسهم. وقاموا برش الشامبين كما يفعلون في أيام افراحهم وانتصاراتهم .. هتف التشيليون كمن يهتفون عندما يحرز فريقهم هدف الفوز!١

وفي نفس هذا الوقت شهدت شوارع مصر ما سميناه نحن بإشتعال الفتنة الطائفية. اعتقد إننني في غنى عن أن اقص لكم قصة هذه الفتنة ولماذا اشتعلت.. لقد اشبعتنا الصحافة بتفاصيل هذه الاحداث المؤسفة.. فكلنا نعلم عن الإتهامات الموجهة ضد الأقباط والتي سموها "التطاول في المطالبة بحقوقهم" و "الإستقواء بالخارج" ..كلنا نعلم بهتفات المظاهرات المعادية للأقباط والتي هتفت بالكره والقتل والشقاق٠

في نفس الوقت الذي رقص فيه التشليين، بكى فيه المصريين. وفي نفس الوقت الذي أجبرفيه الشعب التشيلي العالم كله على الإلتقاء عند بئر صغير في وسط الصحراء، لإنقاذ نفر قليل من العمال الفقراء، تمكن المصريون من إبعاد العالم كله عنهم ليملئوا مدنهم بالمناداة بالكره والتخريب والموت؟
 
 هم خرجوا ليدافعوا عن حق المواطنين الأقل دخلاً في الحياة، وبعضنا خرج للإعتداء على حق المواطنين الأقل عدداً في المساواة أمام القانون.. هم انفقوا أموالهم، و بذلوا أقصى جهودهم لإعلاء راية الحب بعضهم لبعض، و ..بعضنا أيضاً صرفوا الأموال وبذلوا المجهود، ولكن ليعلوا راية الكره للآخر.. هم تصرفوا من تلقائية قناعاتهم بأن قيمة الإنسان تكمن في فرديته .. وبعضنا ايضاً تصرف من تلقائية قناعاتهم بشن العدوان على الخاج عن الجماعة .. هم اتحدوا من تلقائية حبهم لبلدهم واحترامهم لبعضهم البعض .. ونحن تفرقنا من تلقائية قناعات البعض بأن دين يعلو عل دين في الدولة.. هم سلكوا بتلقائية إيمانهم بأن الناس كلهم سواسية أمام القانون بغض النظرعن ديانتهم أو لونهم أو عرقهم أو حالتهم الاقتصادية ... و بعضنا أيضاً سلك بتلقائية المفاهيم والإيمان بأفضلية المسلم على غير المسلم..  وفي الآخير هم صاحوا صيحات النصر والوحدة عندما نجحت مجهوداتهم في انقاذ ثلاث وثلاثون من عمال المناجم.. صاحوا لأنهم أحبوا واتحدوا.. وصحنا نحن بصيحات الهزيمة.. هزيمة شعب عندما انتصرفيه دين على آخر.. هزيمة وحدة انتصر فيها مواطن على آخر .. صحنا صيحات الكره والفرقة٠

 التشيليون لم ينادوا بالوحدة ولكنهم حصدوها من بساتين الحب والمساواة التي زروعها. احتفلوا كما يحتفل الرجل يوم زواجه من المرأة التي أحبها..  اما عن المصريين، فقد أصابهم الإعياء من عقد الاجتماعات والاتفاقات بشأن الوحدة، ولكنهم لم يجنوا غير الفرقة وإتساع المسافات بين المواطن واخيه المواطن .. فهل يحصد وحدة من امتلأت بساتينه بكره الآخر، والإستعلاء عليه؟ كيف يعد الرجل ليوم زفافه من امرأة رفضت الزواج منه بعد ان صارحها بكرهه لها؟؟  
 
يا رب إرحم

Wednesday, September 29, 2010

!الفتنة النائمة


بقلم إستير ابيحائل
  
ا" الفتنة نائمة، لعن الله من ايقظها" -- حديث، يقول علماء المسلمون انه ضعيف،  إلا ان الإسلاميين قد استطاعوا بمهارة فائقة من إستخدامه في تشكيل ثقافة الخوف بين الشعوب التي غمروها بمفاهيمهم وثقافتهم ...  فقد صور لنا الإسلاميون ان الفتنة   اقوى وأشد من القتل.. فهم يصفون الفتنة كمنيصف الأشخاص. فيقولون انها تغضب وتهدأ، تنام وتستيقظ، تضرب وتنتقم وتقتل، ولايسألها احد عما تفعل! قال عنها العالم الإسلامي، الدكتور سليم العوا  "في زمن الفتنة لا يسمعوا للعقلاء" .. فهي تفرض سيطرتها على حامليها بعد ان تزج بهم في منطقة اللا شعوروتسلبهم ارادتهم. يتكلم الإسلاميون عن الفتنة وكأنها غول يهدأ وينام في صدورهم طالما أطاعهم الناس وثم يستيقظ ليحرق الأرض وما عليها اذا ما خالفهم احداً. يقول لنا الإسلامييون انهم يحملون بين صدورهم غول رهيب، وانهم لايملكون تهدئته. فقد القوا بمسؤلية تهدئة غول الفتنة وإستيقاظه على اكتاف الأقليات غير المسلمة..فإذا اطاعوا تنام الفتنة وإن هم عصوا تستيقظ الفتنة لتحرق الأخضر مع اليابس.. وامعاناً في تخويفنا قالوا لنا اننا اذا ازعجنا الفتنة فإنها تقوم لتفترسنا، و تدمر ممتلكاتنا وتهتك اعراضنا. قالوا ان " الفتنة" تستقيظ إذا خالفنا ما شرطوا علينا من شروط الآمان، تقوم لتأخذ الآمان منا!! الخيار لنا، فإذا اردنا ان ننعم بالسلام علينا ان لا نُحدث "اي لا نبني" في مدينتنا كنيسة. ايضاً لا نجدد ما خرب من كنائسنا، فصوت خراب الكنائس لا يزعج نومها، ولكنه صوت بنائها يفزعها من نومها. وحتى يقوم الإسلاميين بواجبهم الإنساني الرحيم .. اعطونا قائمة مزعجات الفتنة! القائمة طويلة فيها التحذير من ان يرد على دين الإسلام بالتكذيب وفيها التحذير من مولاة أعداء الإسلام، ومنها عرفنا ما يجب ان يكون عليه لباسنا، وكيف نقرع نواقيسنا وكيف ندفن موتانا. ويقول الإسلاميون ان محاولة الإستنجاد من الفتنة (أوالإستقواء)  بالخارج سوف تزيد هذا الوحش القاتل هياجاناً. وعلى العقلاء ان يدعوا الفتنة نائمة لأننا نحن واياهم وبيننا غول الفتنة موجودون داخال أسوار عالية لن يفلح معها العالم الحر في الوصول الينا ولا لأصواتنا الوصول اليه    
وهكذا فنحن امام غول لا يقبل بغير قتلنا او ابقاءنا على الصغار. فإذا رفضنا الصغار، تنزع الفتنة بيد من تسكن صدورهم ما كان لنا من آمان في أرضنا وتعطي لهم منا ما كان لهم من اهل العناد!! فغول الفتنة نائم تحت خدمة الإسلامين ويعود لتشرسه كلما خالفهم اواعترضهم احد. الفتنة لا تشفي غليلها من الأقباط فحسب  ولكنها تستيقظ كلما عارض احدهم الإسلاميين. فقد تقوم الفتنة على من ارتد عن الإسلام او على من فسره بغير ما يفسره الإسلاميين

قصة "الفتنة النائمة" لم تحظى بعد بلقب "الأسطورة" الذي حظت به قصة "الأميرة النائمة"، رغم انها قصة اغرب من الخيال. ولم تحظى ايضا القصة بلقب "التاريخ المظلم" الذي حظت به قصة الصليبيين رغم انها اكثر ظلاماً من العصور الوسطى. يبدو ان الفتنة مازالت قصة حقيقية يعيشها المصريون، يعانون منها، يكتبون عنها، بعضهم يهدد بها و البعض الآخر يخافها، ويعملون لها الف حساب،  ويطرحها الإسلامييون على مائدة الحوار القبطي الإسلامي كشرط من شروط النسيج الواحد ويجاوبهم الأقباط عنها. يحملها الإسلاميون وزر جرائمهم ويقف الأقباط امامها في حيرة من نفسهم   

الفتنة النائمة ليست خيال ولم تصبح بعد تاريخ فهي واقع نعيشه. الفتنة التي تنام في صدر الإنسان لا ترفع منه بل انها تصّغرنفس حاملها قبل ان تتمكن من سلب إرادته واستخدامة بالطريقة التي تحلو لها. فها هي تدمر حامليها تاركةً اياهم بين نيران الحقد والكره والوهم والتخلف. نراها تشق الصف و تبث الكره. نراها تضر بصاحبها بقدر ما تضر بالآخر 
فالفتنة توهم صاحبها بانه يملك الحقيقة المطلقة فيعيش في وهم يعجزه عن توسيع افقه وقبول الآخر
الفتنة لا تدرك ان لصاحبها حدود لا يجوزله تجاوزها، وهي لا تدرك ان الشخص الآخر له فرديته وحريته وهو ليس من ملحقات حاملها
الفتنة تفرض على الآخرالتعاون معها دون الإلتفات لمشاعر هذا الآخر واحتياجاته 
الفتنة تعتمتد على ضعف الآخر الذي لا يقدر على المقاومة
الفتنة تطلب ممن تعتدي عليهم ان يكنّوا لها الإمتنان لانها ابقتهم احياء 
الفتنة تعمل بميكانيكية الجماعية البدائية، فهي تتجاهل وجود الفرد و ترجع تصرفاته للجماعة فالفرد ياخذ قيمته من انتمائه للجماعة وليس من ابدعاته و تفوقه او من نقصه وانحلال سلوكه
الفتنة تحمِّل من تعتدي عليهم مسؤلية اعتدائها عليهم
الفتنة تضرب بحرية الإنسان واحترامه لنفسه و لغيره عرض الحائط
الفتنة تسلب حاملها عقله و عقلانيته، تفقده علمه و تعلمه تفقده مشاعر الرحمة الإنسانية و الأُخوة و الإخاء
  
ما هي خيارات غير المسلمين امام اطروحة الفتنة؟
لابد من الإشارة إلى ان الفتنة تطرح خياراتها بعد ان ينتهي دود خيارات الجهاد
فالخيار يبدأ بالإختيار بين دخول الإسلام،و بين القتال والهرب إلى خارج البلاد ، أوالذمة. ثم بعد ذلك تأتي الفتنة لتطرح خياراتها على من تبقى من المواطنين الذين لم يهربوا ولم يقتلوا   
هذه هي خيارات الوحدة الوطنية كما تطرحها "الفتنة"٠
الإختيار الأول: أن يقبل الأقباط "الذمييون" التنازل عن حقوقهم في مقابل آمانهم والتحامهم باخوتهم في الوطن؟  وأن تتراجع الكنيسة عن المطالبة بمساواة الأقباط مع المسلمين أمام القانون فكما قالت الدكتورة الشيخة سعاد صالح في تأكيدها بعدم امكانية اعتلاء القبطي لمنصب رئيس الجمهورية "لا ولاية لغير المسلم على المسلم". وان لا يجاوب المسيحيين اتهام القرآن لهم بالكفر والنجاسة ولا يدافعوا عن إيمانهم فيما كذبه القرآن، حتى لا تهدم كنائسهم. وأن يرضى الأقباط بالوظائف الأدنى في الدولة حتى لا تخطف نساؤهم  ويعتدى عليهن؟ و أن ينفذ قداسة البابا شنودة حكماً مدنياً يقضي بإجبارالكنيسة بالقيام بطقوس دينية مخالفة للعقيدة المسيحية حتى لا يُهدر دم الأقباط؟
الإختيار الثاني: هو أن تستمرالكنيسة القبطية والأقباط في مطالبهم العادلة بالمساواة  وبحرية اعتناق الدين وممارسته في العلن. وأن يصر قداسة البابا على رفضه لتدخل القضاء في العقيدة المسيحية وكيفية ممارسة طقوصها. و ان يواصل الأقباط مطالبتهم بان تحمى اعراضهم وممتلكاتهم من هجمات الإسلاميين المفتونين. وأن يرفض قداسة البابا الخضوع للتهديد والترهيب من هذا الغول الشرس الساكن في قلوب الإسلاميين 
 اذا اخذ الأقباط باختيار الفتنة الأول يعيشوا في بلدهم صاغرون مذلولون واذا أخذوا باختيار الفتنة الثاني .. أفلن يدفعون ثمناً قد يفوق ما يملكون؟

هل من المعقول ان تكون الفتنة النائمة طرح من اطروحات مسألة الوحدة الوطنية؟

هل يعقل ان تجادل حقوق غير المسلمين في القرن الواحد والعشرين بمفاهيم الفتنة التي تنام وتستيقظ على هوى الإسلاميين؟ كيف نضع الأقليات أمام إختياريين افضلهم ان تُسلب حريتهم والآخر أن يقتلوا و تؤخذ نسائهم مع غنائم المسلمين؟  كيف نقبل مفهوم العقوبة الجماعية التي تنزلها الفتنة على كل الأقباط عندما يخالف فرداً منهم شروط الإسلاميين؟ كيف نتحاور مع غول لم يسمع في حياته عن مواثيق حقوق الإنسان ولا يهمه الإنسان وحقوقه؟ الى متى نحمِّل الفتنة مسؤلية اخفاقنا في قبول التعددية وإحترام فردية الإنسان

محاولة معالجة قضية وطنية كقضية حقوق الأقباط - والاقليات المعارضة للإسلاميين -- كالمتنصرين والقرآنيين والبهائيين والعلمانيين - في داخل اطار الوحدة الوطنية والنسيج الواحد من منظور "الفتنة النائمة" الذي كان السبب في المكانة الأولى في معاناة الأقليات وردهم عن حقوقهم الدستورية لن يقدم حلا للمعايشة السلمية بين ابناء الوطن الواحد..الفتنة تمد يد قوية لظلم الأقليات وتبث الخوف في قلوبهم، وتعمل على صغر نفوسهم مما يصعب معه بناء الشعوب.. فالشعوب تبنى بإحترام الفرد وإنسانيته، ووحدتها تستمد حياتها من بالصدق والعدل والمساوة امام القانون  
  الفتنة بمعطياتها المقدمة من الإتجاه الإسلامي لا يمكن ان تقدم خيراً للوطن وللمواطنين بل انها تعمل على استضعاف خيوط النسيج الأقل تبيناً. الفتنة النائمة ظلم، ووجودها على طاولة المدوالات القبطية الإسلامية فيه إمعان في ظلمهم وتخويفهم واستضعافهم.  الظلم شر، والشر لا يبني نفس الإنسان، فالظالم والمظلوم كلاهما يقعان ضحية الكره، والقتل، والانقسامات، ويبقى الوطن المنقسم حبيساً للتخلف والفقر والبؤس.. "الفتنة النائمة" وقود يشعل نارالظلم في قلوب الأقباط ونارالكره في قلوب المسلمين

لنطرح نحن ايضاً خياراتنا

امامنا اختيارات أٌخرى عديدة غير تلك الخيارات التي تقدمها لنا الفتنة. اول هذه الخيارات هي ان نختاران لا نصدق اننا امام خيارين لا ثالث لهما
لنا ان نختار ان نطرح الخوف خارجاً
أن  نرفض الشعور بالإمتنان للفتنة التي لم تفتك بنا بعد
أن نتكلم و لا نصمت
 أن نرفض أن يكون الطريق الوحيد للوحدة الوطنية هو اذلالنا
أن نرفض تحمُّل مسؤلية الجرائم التي ترتكبها الفتنة
 أن نلفظ الفتنة و كل ما بها من كره و دمار وقتل  
نحن نملك خيار المصالحة التي ستقدم السلام المبني على العدل والمساواة واحترام فردية الإنسان
نحن نملك انفسنا ونملك أن لا ندع مفاهيم الفتنة تمتلكنا  
نحن نملك ان نأمر الفتنة بأن تحمل عصاها على كاهلها وترحل عن أرض مصر بلا رجعة
   

Sunday, August 1, 2010

القمني سؤال وجيه و اجابة مضللة




بقلم إستير ابيحائل 

كتب المفكرالفذ الدكتور سيد القمني مقالا بعنوان "هل الإسلام هو سر تخلف المسلمين؟" ٠
لابد وان ابدأ بالقول بأني من اشد المعجبين بالدكتور سيد القمني ، هذا المفكرالفريد الذي منحه الله القدرة على تصحيح و تحويل مسار شعب
قد اختلف مع القمني في بعض ما يكتب و لكن غالبا ما تلزمني كتاباته على الاتفاق مع الكثير من حججه. وكثيرا ما كنت انبهر بعمق فهمه وبمهاراته في الطرح التي تشع الضوء علي اشياء لم اكن قد رأيتها من قبل .. ولكنني في هذه المرّة ، و برغم من كل ما سبق ، لم اجد مفراً من الاختلاف الشديد  مع هذا الكاتب العبقري فيما كتب في مقاله الذي انتهج فيه اسلوبا مراوغا لم ارى له مثيل من قبل 
 
في عنوان مقالته يتسائل الدكتور القمني عن دور الإسلام فيما اسماه "تخلف المسلمين". اذاً الموضوع المطروح هو الإسلام ، تعاليمه ، مؤسساته ، علم لاهوته ، الفكر الذي يحمله ، والطريقة التي تؤثر بها تلك التعاليم على ثقافة المسلمين والطريقة التي تشّكل بها المؤسسات الإسلامية سلوك الشخص المسلم في المجتمع الإسلامي٠ 
ولكني فوجئت ، واعتقد معي الكثيرين ، بان الدكتور القمني في سطوره الأولى قد هجر موضوع سؤاله متفاديا التساؤل "عن أشياء تبد لكم تسوءكم" واسرع بإلقاء اللوم  في تخلف المسلمين - الذي يبدو للقارئ انه مثبت و لا يحتاج إلي البحث - على شيوخ الإسلام.  لقد انقلب القمني عن مناقشة الإسلام كسبب في تخلف الشعب الإسلامي وخلص في سطوره الاولى إلى نتيجة نهائية و هي ان سبب تخلف المسلمون هو شيوخ الإسلام و ليس الإسلام. اذ قال
   "فإذا حدث التخلف في الجانب الديني فإنهم سيكونون هم [يقصد شيوخ الإسلام] المسئول الأول عن هذا التخلف" . و لو انه عاد ولمح ان الشعوب الإسلامية  ليست كلها متخلفة فقال "
 
فبالإسلام نفسه تقدمت دول أخرى في شرقي آسيا أطلقوا عليها لفورتها القاطرة نحو قطار الحضارة باسم النمور الآسيوية. . وبالإسلام نفسه تعيش بقية دول المسلمين في مؤخرة الأمم." و هو ما طرح سؤالاً جديداً بلا اجابة "هل التخلف هو سمة المسلمين؟؟"٠  
  
ثم بعد سطور عديدة رجع القمني لمغازلة عنوانه من جديد و مرّة آخري تراجع القمني ، في هذه المرّة قبل ان يكمل جملته فقال "
  يبدو أن هناك أختلاطا ما في المسألة يؤدي إلى التباسها ، هو أن الدين في حد ذاته كدين ليس طرفا في الموضوع ، إنما هو خارج اللعبة وبرئ من التخلف كما هو برئ من التقدم." و لكن كيف خلص الدكتور القمني الى ان الدين ليس طرفاً في الموضوع؟ و هو لم يتطرق اصلاً لاي من آيات القرآن او سنة رسوله او تعاليمة .. وهو لم يتعرض اصلا للاهوت الإسلامي أو اي من مؤسساسته؟ فهل وضع شيوخ الإسلام عقيدة الجهاد في الإسلام مثلاً؟ ام انها عقيدة شرعها اله الإسلام؟؟ ماذا عن مؤسسة قتال أهل الكتاب.. أهي الآُخرى من اختراع شيوخ الإسلام؟؟ و ماذا عن قتل المرتد؟ الم يقل محمد "من بدل دينه فاقتلوه"؟؟ اين انت يا أُستاذي العالم سيد من كل هذه التعاليم الإسلامية و التي لا علاقة لها بشيوخ الإسلام . 

 يبدو للقازئ ان الدكتور القمني يبحث عن مكان آمن ليضع فيه الإسلام بعيدا عن النقد و التفنيد فقد بدء القمني مكتوبه بالقول "
 
السؤال جد هام ، وأيضا جد حساس ، لكنه سؤال مطروح الآن بقوة في كل الدراسات الشرقية ، وعلينا أن نطرحه أيضا على أنفسنا بهدوء نركن فيه إلى جانب العقل قبل القلب ، وقبل النقل ، وأن يكون هدف الإجابة ليس الانتصار للإسلام أو الانتقاص منه ، أن يكون الهدف هو مصلحة البلاد والعباد في زمن نتأرجح فيه على أرجوحة يقف إسلامنا في جانبنا على طرفها فوق جرف هار بلا قاع ، وعلى الطرف الآخر تقف بكل ثقلها حضارة الإنسان المدني الحديث ، قد تهتز باهتزازنا ، قد تتمسك بطرفه لكيلا نسقط في قاع التاريخ المنسي ، لكنها لن تستمر كذلك طويلا دون جهد مضاعف من جانبنا للحؤول دون السقوط في ثقب التاريخ الأسود.٠

 وكأن القمني قد وجد ضالته في بوتقة أو في صندوق اسماه "الاديان" . وينقلب القمني علي المنهج العلمي في البحث و يتخذ لنفسه مكانا مع كتاب القصص الخيالية و يسرد لنا تخيلاته السعيدة بعد ان تصور انه قد ادخل الإسلام في داخل صندوق الآمان وقد اجلسه نداً لند إلى جوار الديانات الآخرى.. لقد ارتكب الدكتور القمني خطأ علمياً بالغا في منهج البحث... فالاديان ليست متماثلة .. فلكل دين فكره اللاهوتي الذي يختلف و قد يناقد الاديان اخرى .. وضع الدين في صندوق مغلق مكتوب عليه "هنا يرقد الدين ، ممنوع الاقتراب والتصوير" هو في حد ذاته يمثل اعتداءً صارخاً على حرية الفكر وهو احد اسباب التخلف المزعوم 
فاليهودية مثلاً ، ترفض الكذب بكل اشكالة ، و ينص العهد القديم على الكثير من المرات التي عاقب فيها الوهيم شعبة او انبيائه لأنهم كذبوا ، بينما تجد ان اله الإسلام يطرح لاتباعه عقيدة التقية ويأذن لهم بالكذب في ظروف معينة "من كفر بالله من بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئنٌ بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب الله ولهم عذاب عظيم" . ثم يؤكد محمد رسول الإسلام عقيدة التقية و يمدح من مارسها   
المسيح علم اتباعه ان " يحبوا اعدائهم وان يحسنوا لمبغضيهم و ان يصلوا من اجل اللذين يضطهدونهم" ، بينما قتل محمد من هجاه وقد اوصى إله الإسلام  بقتال وإرهاب اعداء الإسلام. فكيف يجلس الإسلام في نفس البوتقة او نفس الصندوق إلي جوار اليهودية و المسيحية؟ لا يمكن ان يحدث هذا على ارض الابحاث العلمية و إن كان قد حدث في تخيلات الدكتور العالم سيد القمني

ثم يفرد السيد القمني الجانب الأكبر من مقاله لمقارنة التطور الإنساني في العلوم و الاقتصاد ونظريات العلمية و الحريات و احترام الإنسان ، مع سلوك شيوخ الإسلام الرافض للتطور و المتمسك بالثوابت. و هو المنهج الذي فندته على انه منهج منقلب على المنهج العلمي في البحث اجابة السؤال المطروح في عنوان المقال
 السؤال البديهي المطروح هنا هو: هل للإسلام شأن في ثوابت الدين؟ ام ان الثوابت ايضاً من اختراع شيوخ الإسلام يا أُستاذنا العالم ؟  
القارئ سيجد ان القمني لم يجد غضادة في ان ينتهج منهج اتباع ثوابت الدين التي تحض على الابتعاد عن محاولة نقض المثبت و اثبات ما يرفضه الإسلام و هو نفس المنهج الذي اتهمه بتخلف المسلمين  
اعتقد ان القمني قد اضاع وقته الثمين و انتهك بنفسه مصداقية كتاباته و ترك قراءه في خيبة أمل شديدة
فهل كان هذا المقال سقطة يقوم منها الدكتور العالم و ينفض الغبار عن نفسه و يكتب لنا كيف يكبل الإسلام تفكير اتباعه ويمنعهم من التفكير و يسلب عنهم حريتهم.. ام انه مقال بداية النهاية لمفكر عربي عظيم؟ 
 
يا رب ارحم

Sunday, June 20, 2010

الحسد


الحسد 

بقلم إستير أبيحائل


“Envy is the daughter of pride, the author of murder and revenge, the begetter of secret sedition, the perpetual tormenter of virtue. Envy is the filthy slime of the soul; a venom, a poison, a quicksilver, which consumeth the flesh and drieth up the bones.”
 الحسد هو وليد الكبرياء ، هو مؤلف القتل و الإنتقام ، هو منجب الفتنة الخفية ، هو المعذب الدائم للأخلاق الحميدة. الحسد هو الوحل القذر الذي تسقط فيه النفس ; هو سم يسمم،  محلول زئبقي يأكل الأجساد و يجفف العظام"٠
سقراط--

لماذا اكتب عن الحسد ؟؟ و هل للكلام عن الحسد مكانا في سياق دراستي و كتاباتي عن الحريات و احترام فردية الإنسان و اهمية التعددية في المجتمع؟؟
اسئلة راودتني عندما بدأت ارى الحسد و هو يعس فسادا في وسطنا .. عندما رايته يتغذى على الافراد و ينقص من كفائاتهم .. و يستسري في المجتمع و يضعف مسار شعبنا .. و كلما اعمقت النظر في الحسد كلما ذادت قناعتي بان الحسد هواحد اعظم معطلات الحريات و احترام فردية الإنسان و التعددية في المجتمع .. و اخيرا و بعد محاورات كثيرة مع نفسي وصراع كثير مع قلمي .. قررت مواجهة ذلك المفسد     
 
عندما كنت في سن الطفولة و مقتبل الشباب  كنت احسب الحسد غول اسود ، لا يمكننا رؤيته بالعين المجردة ، و لكنه يخرج من عيون بعض الناس الاشرار ليصيب الاشياء رائعة الجمال و الناس بالآذى الجسيم  .. لا اذكر اني اخذت مفهومي هذا من الاساطير الخرافية التي كانت جدتي تقصها لي .. بل ترسخ هذا المفهوم عندي من مماراسات و من ثقافة المجتمع من حولي .. فكنت ارى كثيراً من الناس يخافون من الحسد .. فقد اتابع حديثا تلفزيونيا مع احد الأغنياء و اجده يرفض بشدة ان يبوح عن حجم ثروته .. خوفا من الحسد! أو ادخل الى محل تجاري ناجح جدا فأجد صاحبه يجلس على كرسي وقد علق خلفه على الحائط قطع من الحجارة الزرقاء أوحبيبات من الزجاج الأزرق - سيئ الصنع - لأنه يخاف من الحسد!! و كلما لبست فستانا انيقا اسمع القول "ربنا يحفظك من الحسد"٠

و لكن عندما وصلت إلى سن النضوج وتوسعت خبرتي بالناس من حولي وامتدت معرفتي بما يدور في داخل نفسي وتوسع بحثي و درايتي، اكتشفت ان الحسد ليس هو ذلك الغول الاسود الذي يخرج من عيون الحساد .. و لكنه مرض خبيث من امراض النفس  .. مرض يصيب الناس في نفوسهم و لا يصيبهم في اموالهم و اجسادهم ..كما قال سقراط "الحسد هو وحل قذر .. سم يسمم .. هو مؤلف القتل و الانتقام"  ..  عرفت ان الحسد يصيب الفقير و الغني.. المتعلم و الجاهل .. الأبيض و الأسود .. الافريقي و الأمريكي.. و عرفت انه يأخذ لنفسه مسكناً في افكارالناس و في و قلوبهم .. و عرفت ان الحسد لا يصيب المحسود بالاذى ، انما هو يتغذى و يترعرع على دمار نفس حامله... قد تظن انك لم تعاني من هذا الفكر الخبيث .. قد لا تفطن لوجوده في داخلك .. و هذا لا يعني بالضرورة انك خالي من هذا الخبيث.. كل ما في الأمر ان هذا السم يجيد الاختفاءء في دواخلنا فلا ندرك وجوده .. نتجرعه دون ان ندرك وجوده ودون ان ندك حقنا في التخلص منه
   
الحسد كما يعرفه علماء النفس هو تمني زوال الخير من الآخر بدافع الحسرة على النفس .. وهو لا يتوقف عند هذا الحد بل يذهب الى الرغبة في اقتلاع الخير من الغير و امتلاكة .. و هذه ليست نهاية الحسد .. فالحسد يجد راحة في ضرر الآخر! .. و اذا ما اعطى الإنسان ايجابا للحسد، يسرع الحسد لتسخير كفائة هذا الانسان لتدميرالآخر و نفسه

 قد تقول .. "الحمد لله انا ما بحسدش حد!"  .. انتظر قليلاً من فضلك ..انتظري سيدتي .. دعني اعرض عليكم عوارض الحسد اولا ... فالحسد هو غصة المرار التي تشعر بها في داخلك عند سماع خبر تفوق منافسك .. هو ذلك الشعور بالحسرة على نفسك .. الحسد هو تنهد الراحة -الغير مقصود - الذي يأتي من داخلك عند وقوع ضرر او فشل عند الآخر 
 
 خلط الكثيرين بين الحسد و الغيرة رغم انهما يختلفان  .. فالغيرة تشارك الحسد في كثيرمن المرار ..  الغيرة قد تمتزج ببعض الفائدة لحاملها .. فغيرة التلميذ قد تدفعه لتحقق درجات اعلى من تلميذ آخر  
الغيرة هي هذا الشعور الداخلي بالرغبة في امتلاك ما يملكه الآخر .. "يا لروعة فستانها الأحمر.. يا ليتني امتلك مثله"  أو " "يتكلم الانكليزية بطلاقة.. يا ليتني كنت مثله" أو "ربنا يفتح علينا زي ما فتح عليكم" أو " كتب مقالاً رائعاً .. تمنيت لو كانت لي كفائته"  هذه هي الغيرة ... فالغيرة تود امتلاك الشيئ المعادل لما عند الآخر .... و قد تدفع الانسان لتحسين ما عنده دون ان تتمنى انقاص تفوق الآخرين .. الغيرة لا تتمنى الضرر للآخر... من الغيرة ما هو حسن ... إلا ان الحسد يستفرد بانانية مفرطة ويجد راحة في الحاق الضرر بالآخر.. الحسد مرارته رهيبة.. كئيبة .. غبشاء .. ليس في الحسد قطرة واحدة من الحلو .. وليس فيه اي منفعة لحامله و او للجماعة 

 الحسد يريد اقتلاع الشيئ من عند الآخرين .. والحاق الضرر بهم .. الحسد هو ذلك الضيق الذي تشعر به - رغماً عنك - عندما يعلن احد زملائك خبر اعتلائه لمنصب اعلى من منصبك .. أو منصبا كنت تحلم انت باعتلائه ..الحسد هوذلك المر الذي يقول في داخلك " "خسارة فيه التعليم" .. "انت فاكر نفسك ايه .. دا انا هوريك" ... " معقول ياخدوا ده .. و يسبوني انا" أو "يدي الحلق للي بلا ودان" او " مش عارفة ايه إللي عاجبهم فيها دي .. مش شايفين وشها عامل ازاي؟" أو "اخيرا عمرها بان على وشها"  أو" هه .. حرقت الطبخة!" أو " ده خاين .. عميل .. يستاهل حرقة!".. " ليه انا؟" .. " ليه مش هو؟؟"  الحسد  يتمنى الضرر للشخص الآخر و يشفق على حال حامله .. الحسد يملأ نفس حامله بالضيق و لا يدفعه الى التفوق بل إلى تحطيم نفسة و الآخرين ..الحسد يقود الى الانقاص من انجازات الآخرين و ابالتالي من انجازات الجماعة  

   ينطلق الحسد من منطلق محدودية الأنتاج .. فالتفوق في الجماعة او المجتمع محدودة بعدد قليل .. و تفوق الواحد يترك الآخر خارج دائرة التفوق .. "الولد ده بيطلع الأول على فصله كل سنة .. ليه مافيش غيره في الفصل" ... "ما تخليهوش يكون احسن منك" .. " ليه ابنها اتفوق مع انني قمت بنفسي بعمل جميع واجبات ولدي المدرسية!!!" .. فتفوق الآخر يجلب ضررا لمن لم يتفوق ... ما تراه عند الآخر هو اخر الموجود و الموجود لا يكفي كلاكما .. الحسد يحجب فكر المصلحة المشتركة التي تحتاج إلى التعددية في التفوق .. و ينكر حق الغير في الانجاز
 
اتذكر عندما قتل قايين اخاه هابيل؟؟ لماذا لم يذهب قايين إلى الحقل و يقدم ذبيحة مرضية مثل ذبيحة اخاه؟ انه الحسد الذي سلبه تفكيره و صور له ان الله رضي عن اخاه و رفضه هو ... رغم ان الله لم يرفض قايين بل رفض ذبيحة الاثمار .. و لم  يحدد الله عدد الذبائح المقبولة ... و لكن الحسد همس  "يا أنا .. يا هو" الحسد يربك المفهوم الصحيح للعمل الجماعي و يصور للشخص ان الطريق الوحيد للنجاح هو فشل الآخر

و للحسد وجه آخر .. الحسد يستنكر حق الغير في النجاح و التفوق.. الحسد يبغي احتكار النجاح كله .. فتجدالطاهية الماهرة تستنكر على غيرها مهارة الطهي ... بل انها قد تذهب إلى تضليل صاحبتها بإعطائها مقادير خاطئة أو تتناسى ادراج بعض المواد المستخدمة في طريقة عمل احدى الأكلات   .. رئيس أو مؤسس جمعية ما يعمل في منصبه لعشرات السنين ظناً منه انه احق الناس في هذا المنصب  .. و تجد ان الحسد يسخر مهارات الكاتب الشهير أو الأديب المعروف لتحطيم موهبة جديدة ..او لتجاهلها   

هل تذكر قصة المرأة التي راحت في نوم عميق و انقلبت فوق رضيعها فمات .. فقامت في اليل و سرقت رضيع صاحبتها بينما كانت أُمه نائمة .. و لم تكتفي بذلك بل وضعت ابنها المائت على صدر صديقتها ..تقول القصة انه في ضوء النهار عرفت ام المولود العائش ان ابنها هو المولود المسروق و انه لم يمت .. و طالبت بابنها .. اشتدت المشاجرة بين السيدتين حتي اتفقتا على الذهاب الى االملك ليحكم بينهما .. تقدمت كل واحدة بدعواها في ملكية الرضيع .. فطلب الملك ان يحضروا له سيفا .. ثم قال الملك "اشْطُرُوا الطِّفْلَ الْحَيَّ إِلَى شَطْرَيْنِ، وَأَعْطَوا كُلاًّ مِنْهُمَا شَطْراً" .. فأسرعت أم الرضيع بالتنازل عن الرضيع لصديقتها في مقابل الا يموت رضيعها .... واما حاملة الحسد فقالت "لَنْ يَكُونَ لَكِ وَلاَ لِي: اشْطُرُوهُ" !! هذا هو الحسد .. مدمر للنفس و قاتل ذرية الشعوب و هو لا يكترث بان حسن اداء الآخر انما فيه فائدة للجماعة ... فاذا فقدت انا طفلي فلتفقد هي ايضا طفلها .. لماذا انا؟؟ لماذا لم يمت طفلها هي؟؟ " لتذق المر الذي ذقته انا" ٠  

قس على هذا كل الاشياء الآخري و المواقف التي مرت بك و شعرت بتلك الغصة المُرَّة التي احسست بها عندما تفوق الآخرين عليك .. عندما نظرت الى صديق ناجح في حياته العائلية و العملية و تحسرت على حظك السيئ .. الم تكن انت اكثر كفائة  من هذا الصديق؟ الم تكن انت احق بما حققه هو من نجاح في حياته الزوجية و العملية؟؟      
اتذكرالضيق الذي لم تعرف من اين جاء اليك و لكنه جائك يوم اعلن منافسك عن تعينه في منصب اعلى .. او عندما تمنيت ان يفشل العمل لانك لم تكن جزءاً منه ..هل حدث ان تنفست الصعداء عندما فشل منافسك في عمل كنت تظن انك تتقنه اكثر منه؟؟ انه الحسد الذي يقف خلف انقسام الحزب الواحد في المجتمعات الاقل تطورا ... فتجد ان احد السياسيين يقدم الشبهات حول سياسي آخر من نفس حزبه.. غير مبالياً بمصلحة الحزب في وجود العدد الأكبر من السياسيين الموهوبين 

الحسد لا يكتفي بانزال الضرر على الآخرين و لكنه يلحق ضرراً بالغاً بحامله الذي يعجز عن التحصيل و التقدم حيث يلتهي بالحسرة على نفسة و الانشغال في العمل على تحطيم الآخر .. و ينتقل الحسد من داخل الإنسان إلى خارجه و من خارج الفرد إلى المجتمع ... و إذا ما استسرى الحسد بين افراد الجماعة ينقص من تقدمهم و من قدرة هذه الجماعة في تسلق السلم الحضاري الذي يتطلب تفوق الكثيرين في شتى المجالات.. فالحقيقة هي ان تفوق الآخر به منفعة كبيرة لكل افراد المجتمع

الحسد يهرب من القلب المطمئن .. القلب الذي يعرف ان الله يحبه و يعتني به .. الحسد لا يجد مكانا في قلب يفطن ان لكل انسان مكان في قلب الله و ان لكل منا دور ليلعبه.
٠
الْقَلْبُ الْمُطْمَئِنُّ يَهَبُ أَعْضَاءَ الْجَسَدِ حَيَاةً، وَالْحَسَدُ يَنْخُرُ فِي الْعِظَامِ. امثال ١٤: ٣٠

Saturday, June 12, 2010

عندما يفشل القضاء في تحقيق العدالة


عندما يفشل القضاء في تحقيق العدالة
إستير ابيحائل


Bad laws are the worst sort of tyranny.  ~Edmund Burke
القوانين السيئة هي أسوأ نوع من انواع الاستبداد ~ مقولة لادموند بيرك 

لقد اصدرت المحكمة  الإدارية العليا المصرية حكماً نهائياً يقضي بالزام البابا شنودة بطريرك الأقباط الارثوذكس بمنح تصريح الزواج الثاني للمسيحي المطلق ... وقد اعلن البابا شنودة رفضه لتطبيق هذا الحكم الذي اعتبره تعدياً على العقيدة المسيحية و قد وجد هذا الحكم رد فعل غاضب من ملايين الأقباط و استرعى هذا الحكم وردود فعله نظر الصحافة العالمية ، و اخيراً اجتمع اكثر من ثمانين اسقفاً  للتوقيع على بياناً يقضي برفض الكنيسة لتطبيق حكم المحكمة الادارية العليا

لماذا رفض البابا شنودة بطريرك الأقباط الارثوذكس تطبيق الحكم النهائي للمحكمة الادارية العليا؟ .. وهل تعدت المحكمة الادارية سلطاتها القضائية في مراقبة العمل الاداري و حكمت فيما يختص بالممارسة الدينية للكنيسة؟ و على اي قانون استند قضاة المحكمة الدستورية العليا في حكمهم بالزام البابا شنودة بمنح تصريح الزواج الثاني للمسيحي المطلق؟ 

دعني ابدأ من حيث انتهيت في تساؤلاتي و ذلك لانه يبدو لي ان القانون المحكوم به هو لب المشكلة.. ثم اتطرق لسلطة القضاء الاداري في مراقبة اعمال الكاهن و اختم بتقديري الشديد لوقفة البابا شنودة في اعلاء العدالة و رفضه لتطبيق قانون غير دستوري و خارق لحرية الفرد في اعتناق الاديان و ممارستها   

اولاً: قانون الاحوال الشخصية يستمد قانونيته من حق المواطن الدستوري في ممارسة عقيدته الدينية .. المادة ٤٦ من الدستور المصري تنص على ان " تكفل الدولة حرية العقيدة و حرية ممارسة الشعائر الدينية" مقروءة مع المادة ٤٠ من الدستور و التي تنص على ان "المواطنون لدى القانون سواء ، و هم متساوون في الحقوق و الواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الاصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة" .. فللمواطن المصري المسيحي حق اعتناق الديانة المسيحية و حرية ممارسة الشعائر المسيحية بحسب نص الكتاب المقدس و العقيدة المسيحيية المسلمة من الاباء .. بهذا المفهوم يفوض المواطنون الاقباط للكنيسة حقهم في تقديم القوانين التي تحكم ممارستهم للشعائر الدينية و التي تتماشى مع عقيدته و تقوم الكنيسة بتقديم قانون الاحوال الشخصية الذي يتماشى مع العقيدة المسيحية للبرلمان .. بعد التأكد من تماشي القانون المقترح مع روح القانون و عدم اخلاله للدستوريقوم البرلمان -او من المفروض ان يقوم البرلمان - بإيجازة القانون لضمان حرية المواطن لمعتقده و اتباعه لضميره .. عدم اجازة قانون الاحوال الشخصية او تعطيل التعديلات المقترحة هو عمل غير دستوري و خارق للحريات
في هذه الحالة التي نحن امامها اعترضت الكنيسة على القانون المطبق و اعتبرته منافي لمعتقداتها و بل و مقيدا لحرية المسيحيين في اعتناق و ممارسة عقيدتهم التي تلزمهم بعدم الطلاق إلا لعلة الزنا و لقد اعلنت الكنيسة انها قد طالبت الدولة مرات عديدة بتعديل قانون ١٩٣٨- الذي اعتبرته خارقا لمعتقداتها الدينية - ليتماشى مع المعتقد المسيحي و الممارسة الكنسية للشعائر الدينية .. فالقانون الذي استمد قانونيته من الدستور و المنوط به الحفاظ على حقوق الاقباط و حريتهم في اتباع معتقاداتهم الدينية هو في حقيقة الأمر قانون ينتهك حقوقهم الدينية ، و يفرض عليهم اعتناق عقيدة مخالفة لعقيدتهم .. و لهذا فان حكم المحكمة الدستورية العليا المبني على قانون للاحوال الشخصية لسنة ١٩٣٨ و هو القانون الذي اعتبرته الكنيسة مخالف لاعتقادات المواطنين الأقباط المعنيين بهذا القانون يصبح اعتداءاً قانونياً ليس على المواطنين الأقباط فحسب بل يعد اعتداءاً على الدستور و على الحريات وعلى العدل. فلماذا اعتمدت المحكمة الادارية العليا في حكمها على قانون غير دستوري خارق للحريات الدينية ، لماذا لم تحيل الادارية العليا القضية للمحكمة الدستورية للفصل في دستورية القانون الذي بلغ لعلمها انه مخالف لمعتقد الكنيسة الارثوذكسية؟؟ لماذا لم يسجل لنا قضاة المحكمة الادارية العليا عدم دستورية تطبيق قانون سنة ١٩٣٨ لانه يتعارض مع معتقدات الكنيسة الارثوذكسية و انه لم يحفظ حق المواطنين المعنيين منه في ممارسة شعائرهم الدينية المنصوص عنها في كتابهم المقدس؟؟ ولماذا عممت المحكمة الادارية العليا مطالبة الشاكي في هذه القضية لتشمل جميع الاقباط ؟ ولماذا جعلت من البابا شنودة خصماً للاقباط و من نفسها وصية على عقيدتهم؟؟ تغييرالشاكي لمعتقده الديني في هذه القضية لا يوجب تغيير المؤسسة الكنسية لمعتقدها ليتماشى مع معتقد المتحول .. فالدستور يحفظ حق المتحول ويحفظ ايضا حق من لا يريد التحول .. فحق الواحد لا ينزع الحق من الآخر .. فالقاعدة القانونية تقضي بأن حق الشخص يقف عند حق الآخر و اذا رأت المحكمة ان للشاكي حق دستورياً في تكوين الاسرة لماذا اغفلت حق الكاهن الدستوري في رفض القيام بعمل ديني ضد عقيدته؟  
      
 ثانياً: بالنسبة لسلطة القضاء الاداري في مراقبة العمل الكهنوتي نقول أن العمل  التعبدي الديني الذي يقوم به الكاهن لا يخلو من المسؤلية القضائية فيما يترتب عليه هذا العمل من آثار قانونية .. عمل الكاهن الديني في تتميم الشعائر الدينية يلزمه  على التعامل مع مواطنين الدولة .. و الدولة تخول للكاهن القيام بالاعمال الادارية.. و العمل التعبدي الديني تنتج عنه حقوق قانونية  و قد ينتج عنه ضرر او منفعة قانونية للمواطنين.. فعلى الرغم من ان الكاهن الارثوذوكسي لا يعتبر موظفا عمومي بالمعنى المفهوم عن موظفي الدولة و هذا لأن الدولة لا تقوم باختياره للوظيفة و ليس لها حق محاكمته او مسائلته مهنيا وايضاً لأن الكاهن الارثوذكسي لا يتقاضى اجرا من الدولة ، إلا ان الكاهن لا يستثنى من المسائلة القانونية فيما يقوم به من اعمال قانونية تترتب عليها آثار قانونية من حقوق وواجبات و ضرر و فائدة. فالقضاء مختص بمراقبة العمل الاداري للكاهن، و مراقبة القضاء للجانب القانوني من عمل الكاهن لا تمتد إلى مراقبة اعماله التعبدية ..  فاذا زوج الكاهن سيدة متزوجة سيخضع للمسائلة القضائية .. و اذا افشى الكاهن سر عرفه بحكم عمله الديني و تسبب افشاء هذا السر في ضرر لصاحبه او لآخر يخضع الكاهن للمسائلة القضائية .. و لكن المسائلة القضائية تقف عند الناحية الادارية من عمل الكاهن و لا يحق للمحكمة التدخل في العمل الديني الذي كان مصاحباً للعمل الاداري .. ففي حالة افشاء السر يخضع الكاهن للمسائلة بشأن افشاء السر و الضرر المترتب على هذا العمل ..و لكن لا يمتد حق المحكمة إلى مسائلة الكاهن فيما يختص بقراءة الحل و كيفيته في سر الاعتراف و لا يمكن للمحكمة الادارية ان تجبر الكاهن على قراءة الحل لمواطن قبطي  .. و كذلك بالنسبة لتزويج  السيدة المتزوجة ..الكاهن يخضع للقضاء فيما قام به من توثيق لهذا العقد و لكنه لا يخضع للمسائلة القضائية فيما قام به من ممارسة للعمل الديني لتكميل سر الزيجة و لا يستطيع القضاء الاداري اجبار الكاهن على اجراء شعائر دينية لابطال هذا الزواج.
 اذا فمحكمة القضاء الاداري مختصة في مراقبة العمل القانوني للكاهن دون التدخل في العمل الديني الذي لا دراية للقاضي به. فقوانين الاحوال الشخصية لا تعطي القضاء الحق في مراقبة  العمل التعبدي(باستثناء المماراسات الدينية المخلة بالقانون و التي لا مجال لها في هذا الحديث الذي نحصره في ممارسات الكنيسة القبطية الارثوذكسية فقط) الذي يقوم به الكاهن في الصلاة و ممارسة اسرار الكنيسة  .. محاكم القضاء الاداري لا يمكن لها ان تتعدى اختصاصها في المراقبة الادارية إلي اجبار الكاهن على القيام بالشعائر الدينية و تتميم سر الزيجة أو عدمه لان هذا يدخل في حرية الكاهن في ممارسة عقيدته و اتباع تعاليم دينه و هي الحرية التي يحميها الدستور المصري و تحميها مواثيق حقوق الانسان العالمية

اخيراً و ليس آخراً: رفض البابا شنودة لتطبيق الحكم ليس فيه انقاص من شأن الحكم القضائي لأن تطبيقة لهذا الحكم فيه اهدار للعدل و لحق المواطن الدستوري في حرية العقيدة  و حرية ممارسة الشعائر الدينية .. رفض البابا شنودة لتطبيق الحكم القضائي ما هو إلا ضوئاً جديدا مسلطاً على معاناة الاقباط واهدار حقوقهم الدستورية .. القوانين يمكن ان تخطئ و تقييد الحريات .. فقوانين التفرقة العنصرية في جنوب افريقيا ليست بعيدة عن الاذهان و لكن وقفات الاحرار و تحديهم للقوانين الظالمة يجلب الحرية و العدل والتصالح و الاصلاح  
فوقفة البابا شنودة هي زرع جديد في بستان الحرية!١
    

Thursday, June 3, 2010

اسطول الحرية ام الكراهية؟
إستير ابيحائل

تعلقت انظار العالم اجمع بما اسمته تركيا اسطول الحرية الذي كان يهدف إلى فك الحصار المفروض على غزة وتجمع حول العالم آلاف المحتجين على هجوم الجيش الإسرائيلي على اسطول الحرية. وقد ركزت الصحافة العالمية على ابراز الإعتداء الإسرائيلي على نشطاء السلام
إلا ان تقريرا لقناة الجزيرة أظهر مشاهد لنشطاء السلام قبل الاعتداء الإسرائيلي و هم يهتفون هتافات الحرب الإسلامية حيث هتف النشطاء "خيبر خيبر يا يهود .." هذا الهتاف الذي نعرف كلنا تكملته .. "جيش محمد سيعود" .. و في حديث لقناة الجزيرة مع احدى ناشطات السلم قالت الناشطة "الان نحن امام احدى الحسنيين ، إما الشهادة و إما الوصول إلى غزة".. ثم قال مقدم البرنامج ان " بعض المشاركين لم يضيعوا فرصة هذا التجمع من جميع انحاء العالم للتذكير بعالمية القضية الفلسطينية و إسلاميتها" .. و يبدو ان مقدم البرنامج قد اكتفى بما نقله هو ولم يشأ نقل الحديث الأصلي .. وقد تفادى ايضاً مراسل الجزيرة اجراء مقابلة مع هؤلاء المشاركين الذين لم يضيعوا فرصة هذا التجمع و راحو يذكرون التجمع العالمي بما اسماه هو عالمية القضية الفلسطينية و إسلاميتها.. إلا انه نقل لنا صورة لاحد هؤلاء المشاركين وهو يرتدي الزي الإسلامي المتزمت ..الشيئ الذي لا يترك لنا سوى خيارا واحداً و هو الاخذ بوجهة نظر مراسل قناة الجزيرة فيما نقله لنا و المظهر الخارجي للشخص الذي اقتنص الفرصة و لم يضيعها

اعتراض نشطاء السلام على الحصارات المفروضة على الشعوب ليس جديداً .. فهو عمل عرفه الغرب على انه عمل نزيه يدعو عادة للحريات .. يقدم على هذا العمل مدنيون لا يحملون السلاح و لا يستخدمون اي نوع من انواع العنف .. و بالطبع لا ينضمون و يلجأون للتنظيمات العسكرية .. نشطاء السلام بحسب المفهوم الغربي الحضاري هم اشخاص يدعون للسلام بين الأطراف المتنازعة .. او يدعون لانهاء الظلم الواقع على فئة معينة من البشر .. لا يدعو نشطاء السلام للحروب أو للانتقام بل لانتشار العدل و السلام .. نشطاء السلام كما يعرفهم الغرب هم اشخاص عاديون من قطاعات المجتمع المدني المختلفة يدعون للمحبة و المصالحة .. هم اناس رأوا مضار الحروب و يريدون ايقافها ... نشطاء السلام لا يحضون الناس على كره الناس .. نشطاء السلام هم الاشخاص الذين يقفون امام الدبابات الحربية و هم لا يحملون من السلاح غير قضية السلم

وانا اعتقد جادة ان كثير من نشطاء السلام الذين كانو على متن زوارق اسطول الحرية هم من نشطاء السلام الحقيقي بحسب المفهوم الغربي .. إلا ان واجهة العداء الإسلامي لإسرائيل .. هتافات الحرب الإسلامية خيبر خيبر يا يهود ... التصريح بان النشطاء قد وصلوا الى إحدي الحسنيين .. و عقد قران القضية الفلسطينية على العداء الإسلامي ضد اليهود.. كل هذا بالاضافة الى مقاومة بعض نشطاء السلام للزوارق الإسرائلية بالعنف قد افقد هذه القافلة رسالة السلام و المحبة و المصالحة وجعل منها زوارق للكره و اشعال الحروب ..و بدلاً من ان يأخذ اسطول الحرية القضية الفلسطينية الإسرائيلية الى طريق السلام ذهب الى تقسيم العالم كله الى دار للإسلام و اخرى للحرب!! يا رب ارحم

Monday, May 24, 2010

كيف يدافع الكافر عن الحر؟

كيف يدافع الكافر عن الحر؟؟
بقلم إستير ابيحائل


جائنا فيديو
شاهدنا فيه الشيخ خالد الجندي و هو يطالب "على الهواء" - على حد قوله - بمحامي قبطي للدفاع عن قناة الرحمة
محامي قبطي يدافع عن قناة الرحمة؟؟؟ يا رب ارحم
معقولة دي ؟؟ و كيف يدافع عن قناة اسلامية من يحسبه الإسلام نصف الرجل المسلم؟؟ و هل يصلح دفاع الكافر عن المؤمن؟؟
وماذا سيقدم المحامي القبطي في عريضة دفاعة عن قناة الرحمة؟؟
هل يقول المحامي القبطي ان اليهود هم اعداء الله وهم اشد اعداء الإسلام؟ هل يدافع القبطي عن قتال اليهود و اذلالهم؟ هل يقول ان اليهود هم السابقون و نحن اللاحقون؟؟ هل يقول في مذكرة دفاعة ان اليهود هم الخنازير..اما هو و اهله فهم القردة؟؟ هل يدرج في مذكرة دفاعة انه يشترك مع اليهود في النجاسة؟؟ ام يجد التبرير بان اليهود اشد ناجاسة من الأقباط؟؟ هل يستشهد المحامي القبطي بحديث نبي الإسلام عندما سؤل من هم المغضوب عليهم فقال: هم اليهود .. اما عن الضالين فقال: النصارى هم الضالون
هل يقدم دفاعا عن حق القناة المذكورة في التحريض على كره اليهود لأنهم من المغضوب عليهم؟؟ و هل يسترسل في الدفاع عن القناة في بث الكره ضد النصارى لأنهم هم الضالون؟؟
هل يدافع المحامي القبطي عن الوثيقة العمرية التي اقرت اذلال اليهود و الأقباط.. هل يدافع عن الاعتداء على حقوق الأقلية و هو واحد منهم؟
هل يدافع المحامي القبطي عن اسواق العبيد؟؟ و من اين يأتي بالقانون الذي سيبيح رضاعة الكبير؟؟ و بمن من مفسري القرآن سيستشهد؟؟ ايأتي باقوال ابن القيم الذي قال في احكام اهل الذمة ان "الجزية هي الخراج المضروب على رؤوس الكفار اذلالاً وصغاراً" ام يأتي لهيئة المحكمة بسابقة زواج نبي الإسلام من زوجة ابنه؟؟ او ربما قتله لليهود في خيبر .. هل يؤيد المحامي القبطي ضرب الزوجة و هو من تعلم ان يحب الرجل زوجته و يضع نفسه عنها؟؟
هل يكتب في سياق دفاعه ان المسلمون هم خير امة اخرجت للناس؟؟ ام يكتب انه كافر ابن كافر .. و انه لا ولاية للكافر على المسلم؟؟
هل يدافع المحامي القبطي عن اعتداء الإسلام عليه و على ذويه؟؟ هل يجد المحامي القبطي عذرا مقبولاً للتمييز الديني ضد اقباط مصر؟؟ هل يجد مبررا لعزل الاقباط السياسي؟؟ و ان اراد المحامي القبطي الاستشهاد بآيات السلم المكية .. الن يتهمه فقهاء الإسلام بالجهل في تفسير القرآن؟؟

هل يدافع المظلوم عن ظالمه؟
هل فقد الشيخ خالد وعيه؟؟ ما الذي لبسه و افقده ابسط اولويات التفكير المتزن؟؟
هل يرقص العبد على اصوات السلاسل في يديه و ارجله؟؟ هل يتشدق المضروب بسيئات ضاربه؟؟ و هل يتغنى المضطهد بكبائر من اضطهدوه؟؟
هل يدافع القبطي عن الإسلام؟؟؟؟؟

يا رب ارحم

--

Sunday, May 9, 2010


الأقباط بين الديكتاتورية و الديمقراطية
بقلم إستير أبيحائل
estherabihail@gmail.com
كتب الدكتور جاك عطالله مقالاً بعنوان عواجيز الفرح و هدم العمل القبطي
لا يختلف مقاله هذا عما يكتبه الإسلاميون لتخويف و ترهيب الأقباط في مصر. فقد وصف الدكتور عطالله معارضيه بالخيانة إذ قال " قالوا ومعهم يهوذات الاقباط" و لم يكتفي بذلك بل راح ليصفهم بالنرجسية و العقد النفسية .. و ذنبهم هو انهم لا يوافقون على طريقة عملة.. او يعترضون على العمل مع بعض اعضاء اللجنة التأسيسية هكذا يفعل الإسلاميون ، فاذا ما خالفم قبطي يسرعون لاتهامه بالخيانة و عدم الوطنية و تمزيق وحدة الصفوف ..و يعملون على تصغير نفسه و اذلالة ليضمنوا فرض سيطرتهم على الأقباط و ضمان ولائهم لهم

يكتب الدكتور عطالله بلغة الأمر و النهي .. فهويكتب و كأنه المصدر الرئيسي للتشريع و لكل القوانين و هو الحاكم فيها و هو الجلاد و السجان ايضا ... فيقول لنا " قررنا مبدا ان من يريد العمل بشروط استبعاد اخرين سيتم استبعاده هو لانه مع الوقت ستتسع الشروط و تتورم ولن نستطيع مواجهتها... قررنا ايضا ان من يعطل العمل و يختلق اختلافات وهمية سيستبعد" يالها من سذاجة قانونية و سياسية .. اين القانون و اين القضاء .. الم يكن من الأفضل ان يترك الدكتور المحترم البت في مثل هذه الأمور القانونية للقانونيين؟؟ الم يكن محقا الأستاذ المحترم مدحت قلادة عندما نقل الينا خبر تكوين اللجنة التأسيسة للبرلمان القبطي و قد عنونه "تمخض الجبل فولد فأراً"؟؟ ففي الوقت الذي يحارب فيه شرفاء الأقباط الديكتاتورية الإسلامية التي فرضت نفسها عليهم وسنت لهم القوانين رغماً عنهم و استنكرت عليهم حق الأعتراض ... في الوقت الذي قامت فيه للقضية القبطية قائمة لأول مرة في التاريخ نجد أنفسنا امام حكم ديكتاتوي استعبادي من داخل صفوفنا!!!يا رب ارحم

قام الدكتور عطاللة بالإطراء على مجهود الأستاذ نادر فوزي مسجلاً لنا " بينما انجز الاستاذ نادر فوزى جزء مهم من العمل بمحهود فردى محمود " دون ان يذكر لنا من هو الأستاذ نادر فوزي و ما هي المشكلة التي سببت رفض " النشطاء اللامعين" التعامل معه او مع غيره من اعضاء اللجنة.. فقد حكم الدكتور عطالله في النزاع لصالح الأستاذ نادر و يبدو للقارئ ان الحكم نهائيا و غير قابل للاستئناف!! اين انتم يا رجال القانون الأقباط؟؟ اين انتم من هذه المأساة القانونية ؟؟ يا رب ارحم
يكتب لنا الدكتور سيد قطب .. اسفه اقصد الدكتور جاك عطاللة رسالته بوصية إسلامية صميمة فقال "لا تحية لا سلام لعواجيز الفرح والحلمبوحيين و لكن السلام والاحترام لكل من يمد يده ليغرس نبته بكرم الرب فيعمل على قدر طاقته وينقذ اخوته ونفسه وعائلته" لقد افتى لنا الدكتور عطالله بحكم السلام على الكفار مقررا انه لا سلام لمن كفر به و السلام فقط يكون لاهل الملة من الذين يؤمنون به و بما قرره هو من قوانين تسيير العمل .. و لم ينسى ان يضمن فتوته بالتخويف فهو يكتب لنا ان الاحترام يكون لكل من يعمل على قدر طاقته -- العمل المقصود هنا هو العمل بحسب شروط الدكتور جاك-- و ينقذ اخوته و نفسه و عائلته! ما هو الخطر الذي يحذرنا منه الدكتور؟ اهو خطر عدم الاستسلام له؟؟ يا رب ارحم

ثم يختم الدكتور الكريم رسالته بنفس ما ختم به محمد رسول الإسلام رسالته لملك الروم محمد كتب "أسلم تسلم" ، و الدكتور عطالله كتب " ... سنعمل مع كل من له الرغبة بالعمل الجماعى بدون فرض شروط مسبقة وبدون اختلاق خلافات ولن نتعاون مع عواجيز الفرح مهما قالوا .او لطموا .او غنوا او ناحوا ." يا لها من خاتمة! يا رب ارحم

و لم ينسى الدكتور ان يضيف لخاتمة رسالته مناسك التقية الإسلامية فقال "و الامر متروك للقاعدة القبطية فهى من سينتخب ويقرر" ملبسا رسالته الديكتاتورية سروالاً ديمقراطي .. ناسيا ام متناسياً ان الاشكالية ليست فيمن سيختاره الشعب و لكنها في استبعاد الشعب من ان يدلي بقوله في عمل اللجنة التأسيسية!١
يا رب ارحم شعبك

Tuesday, April 13, 2010

وما هي حقوق الأقباط في شرع الإسلام يا فضيلة الشيخ؟؟


بقلم إستير ابيحائل

estherabihail@gmail.com


ليس غريبا أن يصرح شيخ الازهر في حديث له مع ال بي بي سي عن تمسكه بالمادة الثانية من الدستور المصري .. فالمادة الثانية تنص على ان "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع‏".. ليس غريباً ان يطالب شيخ الأزهر -الذي يحتل أعلى مركز اكاديمي إسلامي في العالم- بتطبيق الشريعة الإسلامية .. فهذه هي ثقافته و بيئته و دراسته و اختصاصه .. هذه هي مهمته و دعوته

و لكن الغريب في حديثه هو انه وجه كلمته إلى من سماهم ب"الأقباط العقلاء" قائلاً ان "الأقباط لن ينالوا حقوقهم إلا من خلال هذه المادة" .. و لست ادري هل لنا في كلماته وعدٌ ام وعيداً؟؟

ثم أضاف فضيلته "ان الشريعة الإسلامية هي التي حفظت حقوق الأقباط و كنائسهم و مذاهبهم" .. و لست ادري ما اذا كان فضيلته قد اسقط سهواً ام عمداً الحديث عن الثمن الباهظ الذي دفعه الأقباط لحقن دمائهم و حفظ اعراضهم و ممتلكاتهم

فضيلته يحاول استجلاب تأيد العقلاء فيما لا يقبله عاقل! و يناجي الأقباط ليعضضوا الإسلاميات!! هذا أمر غريب.. هذا بالطبع اذا كنا نتفق مع فضيلته في مفهوم الإنسان العاقل .. فالإنسان العاقل - كما نفهمه نحن - هو الشخص الناضج عقليا و اجتماعيا و عاطفياً.. هو الإنسان القادر على أن يمسك بطرفي نقاش بدون انفعال أو عنف.. هو شخص قادر على إستيعاب الرأي و الرأي الآخر بدون ان يخسر ود و صداقة معارضيه ..العاقل هو من يحترم حرية وفردية ومعتقد خصمه .. العاقل هو الشخص القادر على حمل المعطيات ووضعها في مكانها الصحيح و استنتاج النتائج العلمية المعقولة .. دون التأثر بالموروثات و الممنوعات !! و بالطبع لا يمكن أن اينتهي الامر بعاقل عند قتل خصمه أو تخويفه أو اذلاله .. فهل يبحث الشيخ الموقر عن عقلاء بهذا المفهوم ؟؟ وهل لفضيلة الشيخ ان يماثل العقلاء و يشاطرهم الموضوعية دون انفعال و دون تهديد ووعيد؟

العقلاء لن يعقلوا لدستوراً ينص على ان للدولة دين؟؟ فالعاقل يعرف ان الدولة شخصية اعتبارية ليس لها كيان حسي .. العاقل يعرف ان الدولة لا يمكن لها أن تأكل او أن تشرب .. و يعرف ان الدولة لا تشعر بالألم و لا يمكن لها ان تقوم بأداء الشعائر الدينية .. فلا يمكن للدولة ان تدين بالديانة الإسلامية و لا بغيرها من الديانات!! هذا من ناحية ، اما من الناحية الآخرى فصبغ الدولة بدين معين انما يعطي لمعتنقي تلك الديانة افضلية بسبب الدين على غيرهم من المواطنين الذين لا يعتنقون هذا الدين... و صبغ الدولة بالدين الإسلامي بالذات يربطها بالأحكام الإسلامية القمعية ضد غير المسلمين ..و هو الشيئ الذي يرفضهالأقباط و العقلاء وترفضه مواثيق حقوق الإنسان في العصر الحديث. فلا يمكن لعاقل ان يقبل بقانون يسن التمييز العرقي و الديني والثقافي بين ابناء الوطن الواحد.١

و الأقباط العقلاء لن يرضو ا بشروط الذمة .. تلك الشروط العمرية المجحفة.. الأقباط العقلاء يعرفون ان الشريعة الإسلامية لم تحفظ لهم حقوقهم و لا كنائسهم إلا بعد أن دفعوا الجزية .. الاقباط يعرفون ان سماحة الإسلام لم تقف وراء بقاء كنائسهم و عدم تحولها إلى جوامع - كما هو الحال في تركيامثلاً- ولكن لأن المسلمين تقاضوا اجرهم من اذلال الأقباط و اخضاعهم لجريان حكم الإسلام عليهم - و مازالوا يفعلون

فما هي حقوق الأقباط في شرع الإسلام يا فضيلة الشيخ؟ ما هي الحقوق التي تلوح بها للأقباط العقلاء؟؟

اهي حقوق "أسلم تسلم" التي وعدها رسول الإسلام في وعيده لملك الروم؟؟

هل لنا في كلماتك وعدا بالمساواة امام القانون و رفع التميز الديني الذي نعانيه .. هل تعدنا بالمساواة في بناء الكنائس و تولي المناصب؟؟ هل هذا وعد لنا بالمساواة في اعتناق الدين الذي نختاره و ممارسة طقوسه في العلن و التبشير به؟؟ هل تعد بإقاف حملات الجهاد ضدنا؟؟ هل هذا وعد بتقديم مرتكبي جرائم الجهاد الإسلامي ضد الأقباط للعدالة؟ ام انك تتوعدنا بتشديد العقوبات علينا اذا عارضنا المادة الثانية من الدستور؟؟ أو انك تنصحنا بالعرفان بالجميل لأننا احياء ؟؟ لأنكم لم تفنونا وتفنوا حضارتنا كما هو حال مسيحيو شمال افريقيا مثلاً؟؟

يا فضيلة الشيخ المحترم .. نحن قد سبقنا القرن السابع بحوالي خمسة عشر حول .. اليوم نحن نعيش في القرية الكونية حيث يصعب عزل الأقباط و الإعتداء عليهم ... القرآن و تفاسير فقهاء المسلمين تملأ المواقع الإسلامية على شبكات الإنترنت.. يصعب اليوم ان يصرح رجل اكادمي مثل سيادتكم عن حقوق الأقباط في الشريعة الإسلامية دون التعرض لشروط اهل الذمة المذلة والقمعية على احسن تقدير

لقد دفع اجدادنا الجزية في القرن السابع.. لم يدفوعها لأنهم رأوا ان لهم فيها حق .. و لكنهم دفعوها لئلا تقتلوهم يا فضيلة الشيخ .. لقد رضوا بإذلال الجزية لئلا تفنى حضارتهم ولغتهم و عرقهم و دينهم .. الحق في الحياة على الصغار ليس حقاً .. ما تسميه فضيلتك "حقوق أهل الكتاب في الشريعة الإسلامية" ليس حقاً و لكنه اعتداء على الأقليات و على فرديتهم و عقيدتهم و ممتلكاتهم ..فاذلال البشر و احتقارهم كما في صغار الجزية لا يدرج مع حقوق الإنسان بل مع الإعتداء على حقوقه ... لم تشرع لنا الشريعة الإسلامية حقاً بل قننت و حللت الإعتداء علينا

متى يستقيظ فقهاء المسلمين ؟؟ متى يدركون ان أربعة عشر قرن قد مضت على تقنين اذلال الأقليات .. و ان الإنسان قد سبق إله الإسلام تطوراً في احترام الإنسان و فرديته ... متى يستيقظ فقهاء الإسلام من حالة إنكار الحقيقة و يعرفو أن عقلاءالأقباط لم يعودوا ذميين و لكنهم تحرروا من الذمة و لعانته .. متي يتوقف فقهاء الإسلام عن تهديد الأقباط ومحاولة تخويفهم؟؟ يا رب ارحم